17 - 07 - 2024

أكاديمية العلوم الوطنية في يريفان تناقش العلاقات الأرمينية - العربية من الإبادة الجماعية

أكاديمية العلوم الوطنية في يريفان تناقش العلاقات الأرمينية - العربية من الإبادة الجماعية

افتتح معهد الدراسات الشرقية بأكاديمية العلوم الوطنية في أرمينيا مؤتمرا بالعاصمة يريفان، الأسبوع الماضي، عن العلاقات العربية - الأرمينية، حيث تزامن المؤتمر مع الذكرى السنوية الثالثة بعد المائة لمذابح الأرمن.

شارك فى المؤتمر عدد من أبرز الأكاديميين المصريين والأرمن، وبحضور كثير من المسؤلين الأرمن والسفراء المعتمدين لدى أرمينيا.

وأكد روبين سفرستيان، مدير معهد الدراسات الشرقية التابع للأكاديمية الوطنية للعلوم فى أرمينيا فى كلمته، أهمية تطوير العلاقات بين الدول و التعاون الثنائى بين أرمينيا والدول العربية، مشيرا إلى الدور المهم للتعاون العربي فى المجال العلمى ، معربا عن أهمية التعاون الأكاديمي العلمى فى تعزيز العلاقات الثنائية بين أرمينيا والبلاد العربية، كما أثنى "روبين " على أهمية العلاقة العربية والأرمينية كخطوة مهمة لتنمية هذه العلاقات.

وقال نائب وزير الخارجية" أرمين بابيكيان ": اهتمام أرمينيا بدعم العلاقات الأرمينية - العربية ، مشيرا إلى أن أرمينيا هى شريك للدول العربية وخاصة مصر ، مؤكدا الجهود المبذولة لتطوير العلاقات المتعددة الأطراف.

وأوضح نائب وزير الخارجية موقف أرمينيا من قضايا الشرق الأوسط، مؤكدا أيضا أهمية إدانة الإبادة الجماعية للأرمن.

وأشاد بالخطوات الإيجابية التى قام بها بعض أعضاء البرلمان المصرى بتمرير مشروع قرار الاعتراف بالإبادة، مضيفا أنه حان الوقت لاتخاذ هذه الخطوة المهمة.

ونادى بضرورة التكاتف بين دول المنطقة لمواجهة الارهاب، بل وأكد دعم أرمينيا لمصر فى مواجهتها للارهاب، مشيرا إلى أن ثمة جهودا مشتركة بين مصر وأرمينيا وكان أول أوجه التعاون زيارة وزيرة الاستثمار سحر نصر إلى أرمينيا.

وأكد الموقف المصرى المتوازن من القضايا الأرمينية وخاصة ناجورنو كاراباخ، كما أشار فى كلمته إلى موقف أرمينيا من القضايا العربية، خاصة الصراع السورى وما قدمته أرمينيا من مساعدات إنسانية للشعب السورى.

مثّل مصر في هذا المؤتمر كل من الأكاديمي والباحث السياسي عاطف السعداوي مدير تحرير مجلة الديمقراطية بمؤسسة الأهرام، وكرم سعيد سكرتير تحرير مجلة الديمقراطية والباحث في الشئون التركية، كما ألقي السفير المصري في أرمينيا طارق معاطي، كلمة رئيسية في افتتاح الموتمر قال فيها: إن الجالية الأرمينية بمصر ما زالت تلعب دورا كبيرا فمنهم الأدباء، والسياسيون ، الفنانون ورجال الاعمال
فالوجود الارمينى فى مصر تمييز بأنه بناء ومساهم وهو كذلك فى الدول العربية ، فهم يتميزون بالمسالمة. حيث لم اسمع طيلة حياتى عن حدوث مشاكل من هذه الطائفة واننى اشجع قبول الآخر وهى ثقافة لها جذور عميقة فى مصر وارمينيا.

وأشار معاطى إلى أن مشاركة باحثين بارزين من مؤسسة الأهرام في هذا الحدث المهم دليل على اهتمام كبرى المؤسسات في مصر على تدعيم اواصر الصداقة بين مصر وارمينيا،، مشيدا بدور مؤسسة الاهرام في دعم توجهات السياسة الخارجية المصرية ومذكرا بدور وأهمية مركز الاهرام للدراسات الاستراتيجية، والذى يعد أول مركز من نوعه ينشئ فى المنطقة، حيث كان اول رئيس يتولى إدارته هو بطرس بطرس غالى الذى كان أستاذى بالجامعة وهو مركز بحثى وأتمنى أن يكون أن تاج المركز بمختلف اللغات.

وقال معاطى: نحن نعمل على زيادة الأعداد عن ما هى عليه حاليا، ونقدر ونثمن الموقف الارمينى من دور مصر في مواجهة الجماعات الإرهابية والتى تمثل خطرا يهدد العالم كله متخفيا برداء الدين واننى أستطع أن أدعى أننى مسلم قارئ جيدا، الامر ليس له علاقة بالدِّين بل بالسلطة والسياسة والصراع السياسي ومن اهم الأفكار لا يمكن لجماعة أن تهزم دولة، لذا نحن لا نسميها حركات تأسلم، فالمسلمون الحقيقيون هم الذين استقبلوا الارمن اللاجئين كما هم المسيحيون فى أرمينيا الذين استقبلوا العرب.

و قالت الدكتورة اراكس باشايان من معهد الدراسات الشرقية احدى أشهر الباحثات فى قسم الدراسات الشرقية: إنه رغم أن أرمينيا متواجدة جغرافيا فى جنوب القوقاز الا أننى أنتمى إلى الشرق الأوسط من حيث الحضارة، وبعد قيام الخلافة الاسلامية لعب الارمن دورا مهما فى المجالات السياسية والعسكرية والاجتماعية والاقتصادية والاقتصادية والثقافية للمنطقة ويتمتع الارمن بخبرة كبيرة فى التعامل مع المجتمعات والنخب الاسلامية وبرهنت على ذلك من خلال استعراض الدور الكبير الذى قام به الارمن فى مختلف المراحل التاريخية التى مرت بها مصر مثل مرحلة الفاطميين ومرحلة حكم أسرة محمد على والمراحل التاريخية التى أعقبتها.
وفى الوقت نفسه، أشارت إلى أن تطور العلاقات الأرمينية العربية المعاصرة لا ينبغي أن يرتبط بالخلافات العربية التركية وإنما يجب أن ينبع من التاريخ المشترك بين العرب والأرمن والمصالح المشتركة بين الدول العربية وأرمينيا.
وقال سفير الإمارات الدكتور جاسم محمد القاسمى إن الأرمن أتوا إلى الإمارات من سوريا ولبنان والعراق، حيث كان لهم دور فعال فى نهضة الإمارات منذ سبعينيات القرن الماضى، ومازالت هذه العلاقة تحظى بخصوصية، ودلل على ذلك قيام الامارات فى الفترة الأخيرة ببناء عدد من المدارس والمراكز الثقافية، إضافة إلى كنيسة للارمن بالشارقة.
من جهته، أكد دكتور ارمين مظلوميان، رئيس الهيئة الوطنية للجالية الأرمينية بمصر أهمية دور الجالية الأرمينية فى تدعيم أواصر العلاقة بين الشعبين، حيث تقوم الهيئة والجالية بدور كبير لتحقيق هذه العلاقة وتوطيدها عن طريق الزيارات المتبادلة مثل زيارة الوفود الصحفية والإعلامية والباحثين والفنانين من الجانبين المصرى والارمينى، مشيرا إلى دور الاعلام والفن فى تدعيم العلاقات فالفن يعتبر من اهم طرق التواصل والحوار بين الشعوب.

فيما قال الباحث والأكاديمي عاطف السعداوي في كلمته إن مصر من بين الدول التي فتحت أبوابها لأبناء الشعب الأرميني، ووفرت لهم ملاذًا آمنًا، وحياة كريمة، وسرعان ما إن دمج الأرمن الناجون من تلك المذابح فى المجتمع المصرى، خصوصًا فى القاهرة والإسكندرية، وبرع منهم كثيرون فى التجارة والأعمال اليدوية والفنون المختلفة، وظهر منهم نجوم ساطعة فى السينما والمسرح والصحافة، وأثروا الحياة الثقافية والفكرية في مصر بشكل ملفت، ولعبت الجالية الأرمينية في مصر دورا مهما في تطور مصر السياسي والاقتصادي والثقافي على مدار القرنين الماضيين، وهو ما أدى إلى تميز العلاقة بين البلدين سواء في شقها الشعبي او في شقها الرسمي.

 وأضاف السعداوي أنه على الرغم من عدم الاعتراف الرسمي من قبل مصر حتى الآن بمذابح الأرمن، إلا أن هذا لا يعني أن الاعتراف الرسمي لن يأتي، ربما تكون فقط مسألة وقت في انتظار التوقيت المناسب والظرف السياسي المناسب داخليا وإقليميا ودوليا، خاصة أن لمصر مدرسة عريقة في السياسة الخارجية لا تعتمد على رد الفعل ولا على مبدأ اتخاذ القرارت السياسية المؤثرة نكاية في دول أخرى أو رد فعل على مواقف دول أخرى، وإنما تبنى مواقفها السياسية انطلاقا من قناعتها ومصالحها ومبادئ سياستها الخارجية، مؤكدا أن مصر عندما تعترف بمذابح الأرمن لن يكون هذا بسبب العداء مع تركيا ولا نكاية فيها، ولكن انطلاقا من قناعة مصرية راسخة وتاريخية بعدالة القضية الأرمينية.

واختتم السعداوي بقوله إن اعتراف مصر رسميا بمذابح الأرمن قد يكون خطوة مهمة في تدعيم أسس الصداقة المصرية الأرمينية، لكن هذه الخطوة التي اقتربت بشدة يمكن أن تكون أيضا نتيجة قبل أن تكون سببا لتنامي العلاقات المصرية الأرمينية وتأسيسها على قاعدة المصالح والمنافع المتبادلة وصولا إلى علاقة استراتيجية راسخة، مؤكدا أن الأمور مهيأة للوصول إلى هذه المرحلة نظرا لتوافق رؤى البلدين حيال الكثير من القضايا الدولية والإقليمية ونظرا لحالة التناغم الشديدة بين شعبي البلدين، لكن يبقى هناك الكثير من العمل يجب إنجازه للوصول إلى مرحلة العلاقات الاستراتيجية القائمة على أسس راسخة تعزز من مصالح البلدين ومن مكانتهما على الساحتين الدولية والإقليمية ومن مصالح الشعبين، فقاعدة التفاهم الموجودة حاليا بين البلدين يجب البناء عليه للانتقال بالعلاقات الثنائية إلى مستوى أعلى من التعاون والتنسيق في مختلف المجالات.
فيما ركزت ورقة كرم سعيد في كلمته على ثلاثة محاور أولها أن الإبادة الجماعية للأرمن لا تقتصر على المذابح ١٩١٥، وإنما هى سلسلة ممتدة منذ عام ١٨٩٦ مرورا بمذابح آضنة ١٩٠٩، ثم مذابح الارمن الحرب العالمية الاولى في العام ١٩١٤، فيما يركز المحور الثانى على تحديات العلاقة بين العرب والأرمن وأهمها ضعف التبادلات التجارية بين الطرفين وغياب الاهتمام بالقضايا الخاصة بكل طرف وأخيرا تحدث المحور الثالث عن آفاق ومستقبل العلاقة، وأن الفرصة مواتية لدفع العلاقة قدما.

أما على الجانب الأرميني فقد تناولت ورقة د. أنوش هوفاسيان، وهي باحثة بمعهد الدراسات الشرقية، الاحتلال التركي بعفرين، وكيف أدي التدخل التركي إلى تعقيد الأزمة السورية.
ومن جهته، تعرض الباحث أرام كاسباريان، إلى الاوضاع المعقدة للجالية الأرمينية في سوريا، والتحديات التي تواجهها في ظل تصاعد الاحداث، وهجرة عدد واسع منهم بعد تعرض ممتلكاتهم ودور العبادة الخاصة بها للدمار.

على صعيد متصل، تناولت ورقة د . نارينيه ماركريان خيم اللاجئين الارمن فى بورسعيد وقت الإبادة وركزت الورقة على دور المصريين فى استقبال الارمن وكيف ساهمت الخيم التى تم بناؤها فى تخفيف حد الأزمة، ومن جهتها عرضت نارينيه يرانوسيان، الباحثة بأكاديمية التاريخ، تناول جريدة الاهرام وتغطيتها لمسألة الإبادة وكيف قدمت الأهرام صورة متوازنة ونجحت فى خلق تعاطف شعبى لمأساة الأرمن.