18 - 07 - 2024

أشرف عتريس: الأمن سبب رئيسي في غياب دور المؤسسة الثقافية (حوار)

أشرف عتريس: الأمن سبب رئيسي في غياب دور المؤسسة الثقافية (حوار)

ثورة يناير لم تصنع حراكا أدبيا وثقافيا لاختطافها وإختفاء رموزها من الشباب الثائر

يقول شكسبير: ما الدنيا إلا مسرح كبير، ويقول أوجست بوال: المسرح بروفة للحياة، ومن هذا المنطلق دعونا نرى مصر- التي تمر الآن بظرف تاريخي شديد الحساسية– واقفة فوق خشبة المسرح، والذي عرفه ارسطو في كتابه الأشهر "فن الشعر" انه محاكاة للواقع. وبالتالي جاء مسرحنا اليوم ضعيفا، هزيلا، نصوصه ركيكة، وذلك لأنها تحاكي واقعا مفككا مليئا بالأزمات.

لا ننكر ان مصر عبر تاريخها مرت بمراحل في غاية الصعوبة، لكنها ظلت تكتب ولبنان تطبع، والعراق تقرأ، آآ فدائما وأبدا كانت الثقافة قوة مصر الناعمة؛ بل حائط الصد الأقوى .

التاريخ نفسه قديما وحديثا يشهد بذلك فمن ينسى انتفاض الوسط الثقافي عندما قام الرئيس المعزول محمد مرسي بتعيين د.علاء عبد العزيز وزيرا للثقافة، حيث هب المثقفون دفاعا عن هويتهم وهوية مصر الثقافية ضد أخونة وزارة الثقافة، وما أشبه الليلة بالبارحة فالوسط الثقافي محتقن جدا يقف على مسافة كبيرة من النظام الحالي؛ بل ان أغلب المثقفين ضد عسكرة الدولة من الأساس.

أمور كثيرة أثّرت بل أدت إلى تراجع ملحوظ في الدور الثقافي المصري الداخلي والخارجي، وهذا ناتج منطقي يعبر عن حال مصر الآن، التي تصحرت فكريا لدرجة وصلت للانبطاح؛ الذى طال كل شيء، وأثر على مكانتنا الفنية والأدبية فمشاكل الأمس أضيفت لها كوارث اليوم ..

انظر للستينيات على سبيل المثال .. أرهف السمع للأغنية وقتها.. دقق في الروايات..شاهد معي المسرح ثم فكر فيها حدث بعد ثورة يناير، ستجد بونا كبيرا بين هذا وذاك، فالمسرح مثلا قال عنه الفنان الكبير محمد صبحي في حواره مع أحمد مختار ببرنامج ساعة مسرح: أصبح جثة هامدة! ..هذه الجثة الهامدة كانت في الماضي القريب جسدا نابضا ممتلئا بالحيوية يشع نورا وتنطلق منه طاقة جبارة ؛ لكنه للأسف يمر الآن بانتكاسة كبيرة ولم يعد يعبر عن واقع هذه الأمة المكلومة في ثورتها المجيدة؛ اللهم مجموعة من الأعمال الفردية المستقلة لمجموعة من الهواة .. ووسط هذا المناخ الملبد بالغيوم كان لازما علينا التفكير في كيفية آآ الخروج من هذا النفق المظلم، وهذا الخروج لن يأتى إلا من خلال المثقفين فهم جزء من المشكلة والحل! حتى وان اختلفنا معهم أو مع رؤاهم الفكرية؛ إلا إنهم دائما وأبدا كانوا زرقاء اليمامة، وفي هذا السياق التقنيا بالشاعر والكاتب المسرحي ابن محافظة المنيا أشرف عتريس، هذا الكاركتر المسرحي المألوف قد تختلف أو تتفق مع أفكاره ورؤاه؛ إلا انه في النهاية كاتب لديه تجربته الشعرية والمسرحية.

لمن لا يعرف أن أشرف عتريس كانت له تجربه جيدة مع جريدة مسرحناآآ  ولكن التجربة توقفت ، ويقول عنها عتريس:

تجربتي في مسرحنا بدأت مع أسرة تحرير بقيادة يسري حسان، وذلك أثناء رئاسة أحمد نوار لهيئة قصور الثقافة، انضممت للمجموعة، وبدأت اقدم بورتريه عن "مجاهيل" المسرح في الأقاليم وخاصة أعضاء الفرق الفنية في محافظة المنيا، وقدمت أكثرمنآآ  160آآ  بورتريه لفنان وكاتب ومخرج وديكورست وفني مسرح وعمال مسرح وكل من يقوم بعمل مسرحي في المنيا إلى ان تغيرت أسرة التحرير،آآ  بعدها بدأت اكتب مقالات منفردة عن المسرح تحت عنوان "نحن والمسرح" تحت رئاسة محمد الروبي رئيس تحرير مسرحنا الحالي، ولا مجال الآن لتقديم نفس الفكرة وسوف نعود بفكرة جديدة.

* من المعروف ان تغييرآ هيئة تحرير مسرحنا جاء على خلفية صراع كبير ما تعليقك؟

- نعم،ولكن دعنا نقول انه كان قرارا لرئيس الهيئة سيد خطاب وذلك بحجة أو بداعي تجديد الدماء.

* ولكن هذا التغيير أحدث فروقا جوهرية، أهمهاعدم نشر النصوص المسرحية وكان هذا مثارا للتسأول.

وأنا أتساءل مثلك: لماذا لا ينشر محمد الروبي، وإبراهيم الحسيني هذه النصوص القصيرة داخل جريدة مسرحنا؟!

* بما انك أحد المتعاملين مع "مسرحنا" لماذا لاتهمس في اذنيهما؟

- فعلت، ووعدنى الصديق إبراهيم الحسينى بتنفيذ هذه الرغبة، ومحاولة نشر النصوص القصيرة جدا داخل كل عدد إسبوعي وسوف نتابع تنفيذ هذا الوعد بقدر مساحة المحبة بيننا.

* بما ان المسرح إنعكاس للحياة، كيف ترى المشهد المسرحي الآن؟

بداية أنا سعيد جدا بعودة المسرح التجريبي إلى مصر، واستقدام ثقافات أخرى نحن في حاجة إليها، خاصة في هذه المرحلة بالذات، مع تعظيم دور الفن من خلال تجارب مسرحية نستفيد منها جميعا.

* ولماذا توقف أصلا؟

-أعتقد بسبب مشاكل مادية

* هل هذا كل شيء؟

لا .. أرى استحواذا على مسرح الدولة من رواد الجيل القديم وسطوة أسماء رموز جيل الستينيات بالنسبة للتأليف المسرحي، ولا تقييم لأجيال أخرى تناضل من أجل ظهور أعمالها على مسرح خشبة الدولة فنلجأ إلى ( مسرح بدون إنتاج – مهرجان نوادي المسرح – التجارب الصغيرة – عروض المراكز الثقافيةآآ  المستقلة ) وهذا بديل عن الانتحار والانعزال عن المشهد المسرحي .. المشهد المسرحي الآن غير مرضٍ لطموح جيل الوسط، والجيل الجديد الذي يعاني من هذه البيروقراطية والفشل الإداري لنوعية هذه المسارح والقائمين عليها.

* وهل هذا الترجع هو الذى أدى لظهور مايسمى بمسرح مصر؟

نعم، ولكن دعنى أوضح ان مسرح مصر فكرة رائعة وأفسدها من يتسلط على إنتاج وتأليف وإخراج مسرح مصر، واستغلال القدرات الخاصة بخريجي المعهد ومحبي المسرح من مسرحيي الأقاليم، فأشرف عبد الباقي كأنه كشاف للكرة وكانت فكرة الموضوع استرجاع الجمهور للخشبة ثم إنتاج عروض من شغل الورش، لكن ارفض المسرح (الفودفيل) الذي لا ينتج مسرحا بمعنى الكلمة وتم تشويهه عمدا من مافيا مسرح مصر.

* لكن البعض أرتأىآ  في المسرح الموجه حلا

- أرفض تماما هذا التصنيف، وانحاز إلى المسرح التفاعلي الذي يتعامل مع المنتج كقيمة ثقافية بين الجمهور وأدوات التوصيل أي ( العناصر المسرحية ).

* أغلبنا كان يتوقع أن تصنع ثورة يناير حراكا أدبيا ، ولكن معنى كلامك ان الثورة لم تفرز أدبها؟

- حقيقي .. حتى الآن لم تحقق الثورة ما يسمى بأدبيات الثورة، ومن يكتبون عنها تأريخا وإبداعاآآ  في كل صنوف الأدب مسرح وشعر وقص وروايةآآ  نتيجة سيادة المناخ العام السيء واختطاف الثورة وإختفاء رموزها وروادها من جيل الشباب الثائر.

* هناك من يتاجر أدبيا باسم الثورة وبالتالي يكون المنتج مشوها وغير حقيقي، ما السبب؟

- هذا ناتج عن خيبات يونيو الذى قتل حلم يناير.

* ولكنه قد يعود أيضا لتزايد في وجود أنصاف مواهب على الساحة الأدبية

- هذا حقيقي، ولكنه تزايد بعد يونيو؛ الذى خطف حلم يناير،آآ  فتجد من يزاحم في كتابة قصيدة النثر وهو لا يعى تماما قيمة وأثر قصيدة التفعيلة سواء الفصحى أو العامية وكذلك، في النقد حينما يظهر بعض الدراعمة الذين يكرهون صنفا هاما ومتجددا من صنوف الأدب ألا وهو شعر العامية، ولا يجيدون مواكبة أي إبداع فامتلأت الساحة بهم ..أيضا لاتنسى الشللية والتربيطات ورواد المقاهي والمنتديات الثقافية في كل مكان، خاصة انتقال المقاهي من العاصمة إلى الأقاليم والذى أنتج كل ما نعاني منه وإخرج لنا مدعين ومزيفين في كل شئ، أيضا دور الجامعة الذي تقلص تماما في رعاية القدرات الخاصة والمهارات الإبداعية الفريدة آآ للطلبة الموجودين خارج أسوار الجامعة وكل الهيئات الثقافية – المؤسسة – التي غاب دورها تماما بفعل الأمن.

*هل معنى ذلك ان المؤسسة الثقافية الرسمية لا تقوم بدورها؟

- طبعا هناك إجماع على غياب وتقصير دور المؤسسة الثقافية في مصر.

* والسبب؟

الأمن هو السبب في ذلك دعني أدلل على كلامي، أننا أثناء إجراء حوارنا هذا ، قام الأمن بمنع عرضين في مهرجان نوادي المسرح على مسرح السامر بالعجوزة، وعدم إقامة ندوات إلا بتصريح من الأمن، وبذلك عدنا إلى الخلف

آ