17 - 07 - 2024

الإعجاز العلمى و "التقييف" العلمى عند شيوخ الإسلام.

الإعجاز العلمى و

ارسل لى صديق على الخاص هذه الكلمات مصحوبة بفيديو للشيخ عمر عبدالكافى تقول الكلمات التى اعلى الشريط:"اكتشاف جديد من الغرب عن كيفية تجنب اضرار المحمول والكمبيوتر والتلفاز، والمفاجأة انها فى ديننا الحنيف. الله أكبر ولله الحمد بسم الله ماشاء الله سبحان الله العظيم".

فكرت مليا فيما يسمونه الشيوخ ظاهرة الإعجاز العلمى فى القرآن الكريم -وهو حق لكن يراد به شيء آخر.. من وجهة نظرى- وقررت الرد على ظاهرة اخشى ان تستعبدنا فتلغى عقولنا وتجعلنا متلقين لامبدعين. وخلصت إلى:

بلا جدال الإسلام اعظم الاديان وهو الدين الوحيد الحق من وجهة نظرى ولكل وجهة نظره وهو حر فيها مع الإيمان بحرية العقيدة.. "لكم دينكم ولى دين".. "ولوضاع عقال بعير لوجدته فى القرآن" لكن يبقى السؤال لماذا لم يكتشف علماء الدين الإسلامى هذه الحقيقة عن تجنب اضرار المحمول قبل ان يكتشفها علماء الغرب أم ان دورنا هو "تقييف" الاكتشافات على المقاس الذى يناسبنا؟! وكما نعلم فإن العلوم متطورة ومانكتشفه اليوم قد يتطور غدا ونصل فيه لاكتشاف افضل لنفس المكتشف، وهذا يغير من طبيعة الاكتشاف الذى تم "تقييفه" على مقاس ديننا.. ساعتها وبعد التطور أو التغير ماذا نقول للناس؟! هل نقول لهم أن ديننا أخطأ أم أن المتغير هو من أخطأ وتغير أم ان من اكتشفه كان اكتشافه ناقصا ونبحث له عن تقييف آخر يفقد ديننا مصداقيته عند الآخرين؟!

بالقطع فى ديننا إعجاز بلا شك، لكنه ليس إعجاز "تقييف" الشيوخ لإثبات سبق لهم. مايحدث هو إساءة للدين، ونكرر لماذا لم يكتشف علماء الدين مايكتشفونه اليوم قبل ان يكتشفه علماء الغرب؟! ولماذا يظل دورهم "تقييف" المكتشف على المقاس الذى يريدونه؟! إنهم يسيئون للدين.. يفتون للشيء ونقيضه من اجل مصالح شخصية وسياسية.. ليتهم يصمتون. ألم يسألوا أنفسهم وهم يتباهون باكتشافاتهم "المقيفه": لماذا يتقدم الغرب غير المسلم فى الاكتشافات العلمية ويسود بها الدنيا بينما يتأخر المسلمون بل وتغتصب أوطانهم وتسرق اموالهم طواعية ويستعبدون فى بلادهم ولايقدرون على الدفاع عنها وهم خير أمة اخرجت للناس؟! 

لدى إجابة بسيطة وقد لاتمثل كل الحقيقة ولا كل الصواب: وهى ان الغرب اعتمد على العقل الذى منحه له الله، وتفرغ للبحث العلمى والابداع العلمى والتطور، بينما المسلمون تفرغوا للكلام عن التاريخ الماضى وسيادتهم، وهو حق واهملوا اعمال العقل من اجل العلم وتطوره، ونسوا التسامح والتكافل فيما بينهم وتفرغوا لنشر ثقافة الثأر والانتقام والتمكين ولو بالدم، فضعفوا وبأموالهم احتمى قادتهم بالغرب غير المسلم لحماية ملكهم، حتى فتاواهم غيروها.. تجد فيها الشيء ونقيضه بلا خجل.. وفى النهاية تفرغوا للاهتمام بالشكل الاسلامى دون الجوهر. وللأسف يستخدمون الاسلام كمخدر لعدم الخروج على الحاكم الظالم، ويستخدمونه أيضا فى طاعة أميرهم العمياء.. بلا مناقشة.

التقدم لا يحدث بالخنوع للحاكم الظالم المستبد ولا بالطاعة العمياء لأمير الجماعة، وكم من أمراء لجماعات هى اقرب إلى فرق تفتت وحدة المسلمين وتسيء للإسلام. ولمن لايعرف فإن الإسلام ساهم فى تقدم الحضارة الإنسانية بشكل علمى وكبير، وقت أن كان للدين علماؤه وللعلوم التجريبية والنظرية علماؤها، فاخترعوا أدوات الجراحة وعلوم كثيرة وكان منهم ابن سبنا وابن الهيثم وجابر بن حيان والبريونى وكثيرون ممن ساهموا فى التقدم العلمى.

كان العالم التجريبى والنظرى عالما بهما وبعلوم دينية لكنه لم يتصدر للفتوى ولم يتاجر بل تفرغ لمهمته العلمية فتقدم المسلمون.. تعلم الغرب من علم المسلمين وطوروا ما تعلموه، وانطلقوا يطورون، وجلسنا نحن المسلمون نجتر ماضينا كما تجتر النوق طعامها القديم فى أحشائها. عندما نؤمن بأن الإسلام دين ودنيا بغير مزايدة وعمل وعبادة بحق، واعمال عقل وعدم ضحك على الناس المسلمين غير المتعلمين، ومساواة وتكافؤ فرص وتسامح لا انتقام.. ساعتها بالطبع يتقدم المسلمون حقا.. ويسودون. وليس بخاف أن الإسلام يراد تشويهه والقضاء عليه.

الإسلام ليس حديثا عن ماض ساد وانتهى لكن به أدوات عن مستقبل يسود بالعلم ايضا وبالتسامح وليس باجترار الماضى وكثرة الفرق التى تفرق.

مقالات اخرى للكاتب

السياحة الجيولوجية.. متاحف مفتوحة