27 - 09 - 2024

أين اختفى رضا هلال؟

أين اختفى رضا هلال؟

أثارالفيلم التسجيلى الذى أنتجته قناة الجزيرة المُـعادى لمصر، والذى شوّه الجيش المصرى، الكثير من التعليقات، وظهر أغلب الكــُـتاب كما لو كانوا فوجئوا بهذا الموقف.. وبعد أنْ قرأتُ وسمعتُ المُهاجمين لها مؤخرًا وكأنهم كانوا فى غيبوبة coma لعدة سنوات ثم عادوا لوعيهم ولكن بأثررجعى، نشطتْ خلايا مخى فتذكرتُ أننى قرأتُ مقالا للكاتب صاحب المصير المجهول (لغالبية شعبنا) والمعلوم لنظام مبارك (رضا هلال) انتقد فيه قناة الجزيرة.. فلم أستطع مقاومة الرغبة فى البحث عن المقال فى أرشيفى الخاص. 

المقال بعنوان (جنرالات الجزيرة وتحالف المُـتطرفين- أهرام 28 أكتوبر2000) ونظرًا لأهمية المقال وكذا صعوبة تلخيصه، فإننى (عملا بالأمانة العلمية) سأنقل للقارىء أهم الفقرات بنصها وفاءً لذكرى صاحبه ((دعتنى قناة الجزيرة فى قطر للمشاركة فى برنامج حوارى حول الحرب والسلام. أبلغنى مذيع البرنامج أنّ محاورى سيكون أمين عام تنظيم الجهاد الإسلامى فى فلسطين. وألقى فى روعى أنه قد حان وقت الجهاد. عندما وصلتُ إلى مقرالقناة أدركتُ أنه المقرالعام (للجهاد) ضد إسرائيل وأمريكا والصهيونية والامبريالية ومصر(العربية) أيضًا فهناك مقرالمجاهد الأكبر فيصل الحسينى الذى جمع بين (البعثية) كمواطن سورى والستالينية بعد أنْ منحه الاتحاد السوفيتى السابق درجة الدكتوراه. وهناك (المجاهد) أحمد منصور(مصرى الجنسية والعضوالتائب فى الجماعات الإسلامية والمتطوع السابق مع "المجاهدين" فى أفغانستان) وعبْرالأثير يـُـطالعك من لندن (المجاهد) سامى حداد الذى ينفث سمًا وحقدًا على مصر ودورها وكل من هو مصرى وماهو مصرى بينما يتدله حبًا فى كل من هو إسرائيلى. 

بيد أنّ الجنرالات (المجاهدين) فى قناة الجزيرة يرتبطون بتحالف مع المُـتطرفين العرب. وفى مصر للجزيرة حلفاء متطرفون دينيون وقوميون يتقافزون على شاشتها لإتهام رفقائهم من الكتاب والمثقفين المصريين بالكفر والخيانة، ليتخيّـل المشاهد وكأنّ كل مثقفى مصرمتطرفون. كما أنّ للجزيرة حلفاء من جنرالات المنظمات الراديكالية الفلسطينية والعربية والجماعات الإسلامية. وقد دأب جنرالات الجزيرة منذ بدء إرسالها فى نوفمبر96على الغمز واللمز ضد مصر، ومع اندلاع انتفاضة الأقصى فى 28سبتمبر2000 أصبحتْ مصر مرمى النار لجنرالات الجزيرة فى برامجهم الصفراء. أما ذريعة الحرب كما يقول الجنرالات، أنّ مصر لم تقطع علاقتها الدبلوماسية مع إسرائيل. فلم يخجل جنرالات الجزيرة ومحطتهم تتلقى التمويل الإسرائيلى الذى كانت آخر دفعة مليون شيكل بعد الانتفاضة. بل إنّ جنرالات الجزيرة كانوا من تبارى فى استضافة المسئولين والمُعلقين الإسرائيليين فى برامجهم الصفراء. ولا اعتراض لدينا على التحاور مع الإسرائيليين، ولكن اعتراضنا على تناقض جنرالات الجزيرة الذين يُهاجمون مصر لأنّ لها علاقات دبلوماسية مع إسرائيل ولأنها لم تــُـعلن الحرب على الصهاينة. إنّ مضمون رسالة البرامج الصفراء التى يُطلقها الجنرالات هو الإلحاح على أنّ: 1- حرب أكتوبركانت تمثيلية 2- السادات خائن. وليت الجزيرة ترجع إلى مقال الكاتب الإسرائيلى إيهود يانكرى فى صحيفة جيروزاليم بوست الذى فضح فيه العلاقة بين الجزيرة وإسرائيل والمنظمات اليهودية الأمريكية وأجهزة المخابرات بما فيها الموساد، حتى إنه وصف جنرالات الجزيرة ب ((جامعى معلومات وكاتبى تقاريرللمخابرات)) وأصبح جنرالات الجزيرة يتهمون القيادة المصرية بأنها لاتقف مع الحق الفلسطينى ويستدعون حلفاءهم لحث مبارك على إعلان الحرب. فجاء الشيخ يوسف القرضاوى داعيًا للجهاد.. وليتَ جنرالات الجزيرة يتذكرون أنّ القيادة المصرية كانت قبل أسابيع موضوع تهجمات وسخائم توماس فريدمان وجيم هوجلاند فى الصحافة الأمريكية بزعم أنّ مصر تحث الفلسطينيين على التشدد فى مسألة القدس..وليتهم يُدركون أنهم ببرامجهم الصفراء وصراخهم يدخلون فى تحالف مع المُــتطرفين الإسرائيليين والعرب الذين يُريدون تحويل المنطقة إلى جحيم.. وعليهم أنْ يتذكروا أنّ مصرسحبتْ سفيرها فى إسرائيل أثناء الغزو الإسرائيلى على لبنان عام 82)) هذا ماكتبه رضا هلال عام 2000. 

بجوار مقال رضا هلال مقال للدكتور عبدالعاطى محمد ذكر فيه أنّ قناة الجزيرة عميلة لإسرائيل فكيف ((تــُـفسّر ظهورمسئولين وخبراء إسرائيليين بشكل مكثف طيلة العقد الماضى على شاشتها؟)) إنّ الهدف هو((إعطاء الفرصة لهؤلاء المسئولين الإسرائيليين لكى يُجهضوا الموقف العربى العام من الصراع العربى الإسرائيلى..وكيف تــُـفسّرالجزيرة استعانتها بواحد من عتاة الإسرائيليين المُخضرمين يعمل كمستشارلها وهوالمعروف عنه أنه ممن يتزعمون تيارالتطبيع والتعايش بين العرب وإسرائيل، بينما هى تصرخ كل يوم: لا للتطبيع. لا لدعاة السلام الإسرائيلى..وكيف تــُـفسّرالجزيرة استقبال أكبرالمنظمات اليهودية فى الولايات المتحدة (إيباك) لمالك هذه القناة كصديق والاحتفاء به وجَمْعْ التبرعات لقناته؟)) 

مضى على هذيْن المقاليْن 18سنة.. والدرس هو أنّ الكاتبيْن لم يفقدا وعيهما ولم يدخلا فى coma مُتعمّدة مثل غيرهما..فإذا كان رضا هلال دافع عن مصر فلماذا وأين اختفى..وهل صحيح أنّ زبانية مبارك وضعوه فى حوض مليىء بالأحماض الكيماوية؟ 

***  

مقالات اخرى للكاتب

أين الدول العربية من التنافس الأمريكى الروسى؟