17 - 07 - 2024

سميح القاسم

سميح القاسم

سميح القاسم

 حينما يلقى عليك الشعر برده

تبصر الأسرار أزهى

تسمع الأوتار ولهى

للرؤى تغدو إئماءً

الحروف المسبدة 

حينما يلقى عليك الشعر برده

تسكب البحر المزمجرفى قوارير العطور تحبس الغابات فى كوخ صغير

تجعل الوجدان نبعاً

تسكن الأطيار عنده

حينما يلقى عليك الشعر برده

تطلق الأخلاق ترعى

فى سلام كالظباء

ترسل الإحساس يسعى

فى صفاء حيث شا

إنه طفل صبوح

هدهد الإبداع مهده

حينما يلقى عليك الشعر برده

حينما يدعوك كى تبقى صفيه

سوف ترقى فوق أرض الله

بالروح الأبية

سوف تسرى فى سماء الروح رعدة

حينما يلقى عليك الشعر برده

تعتلى عرشاً وضيئاً

فى فضاء الأمنيات

يصطفيك الشعر

أبشر

تصطفيك المعجزات

إنها الأشعار

ملك

فوقه عرش وشدة

حينما يلقى عليك الشعر برده

لم أكتب هذه السطور الشعرية فى وداع سميح القاسم وانما تحية للشعر الذى اعتز سميح بأنه أحد فرسانه واعتز هو بذلك.

إذا كانت القبيلة قديماً تحتفل احتفالاً كبيراً حين يولد فيها شاعر أو بالأحرى حين يستوى أحد أبنائها شاعراً وتعد هذا انتصاراً كبيراً لها فما الذى كانت تفعله حين تفقد شاعراً كبيراً من شعرائها البارزين؟!

وماذا عسى الأمة كلها أن تفعل اليوم وهى تودع شاعراً فى قيمة وقامة سميح القاسم، هذا الشاعر العربى الكبير الذى تحول مع رفاقه من شعراء المقاومة الفلسطينية إلى رايات رفض للانكسار ورموز صمود فى طلب الانتصار وأعلام حرية تخفق فى سماء الأمة كلها؟!

وإذا كان محمود درويش قد مثل النموذج الحى للمثقف المشارك فى العمل السياسى والمنغمس فيه حتى أذنيه، فى محاولة للتأكيد على أن الشاعر الحق يمكن أن يقترب من السلطة ما شاء له الاقتراب دون أن يسقط فى هوتها أو أن يحترق بنيرانها، واذا كانت فدوى طوقان قد ضربت المثل الأسطع للفتاة المناضلة والأم الحانية التى تقاتل بالكلمة العذبة وبالغناء الشفيف، وإذا كان معين بسيسو قد علمنا كيف تستشهد الكلمة دون أن تنحنى، فإن سميح القاسم ظل طوال الوقت يرسم ملامح الضمير الشاعر الذى يخلص للشعر إخلاصه للحياة ويخلص للمقاومة إخلاصه للشعر ويخلص للأرض إخلاصه للحياة والشعر والمقاومة معاً.

ما الذى تفعله الأمة اليوم إذاً وهى تودع سميح القاسم سوى أن تجدد ثقتها فى ذاتها وفى أبنائها وأن تثق بأن راية جديدة سوف تخفق وعلماً جديداً سوف يعلو ورمزاً جديداً سوف يتجسد ما دامت حيةً نابضةً واثقةً فى عدل الله وإخلاص الأبناء وصمود الأرض ورفض النخيل للانحناء.

 

مقالات اخرى للكاتب

جِيل من الصور الطلِيقَة