16 - 08 - 2024

رموز شمال سيناء فى مرمى الاغتيالات والفاعل "يفر بسلاسة".. فهل تحميهم السلطة؟ (تحقيق)

رموز شمال سيناء فى مرمى الاغتيالات والفاعل

اغتيال سامى الكاشف يجدد حالة القلق في المحافظة

لا تحقيقات تتم ولا جهود أمنية تكشف القتلة أو توضح سبب استهداف الضحايا

مخاوف من اتساع مسلسل الاغتيالات في هذه الفترة ومطالب للسلطة بحماية رموزالقبائل

تهديدات جديدة بـ "مصير الكاشف" وقبائل السواركة والرميلات والفواخرية الأكثر تعرضا للاغتيال

 مسلسل الاغتيالات فى شمال سيناء تم استئنافه، فالاغتيالات السابقة مسجلة ضد مجهول، وأبناء سيناء قلقون من اتساعها فى الفترة القادمة فى ظل تعتيم إعلامى وعدم صدور أي بيان حكومى عن واقعة الاغتيال الاخيرة التى استهدفت الشهيد سامى كامل الكاشف مرشح انتخابات مجلس الشعب السابق، وأحد ابناء عائلة الكاشف بمدينة العريش، والذى تعرض للاغتيال على يد عناصر مسلحة أمام منزله الكائن بحى السلايمة بمدينة العريش، أوائل هذا الشهر، ولاذ االمسلحون بالفرار، كالعادة عقب كل حادث ارهابى،  مما أثار غضب اهالى مدينة العريش وأبناء عائلة الكاشف، وطالبوا بكشف ملابسات الحادث والتحقيق فى الواقعة والكشف عن منفذى العملية، خصوصا بعدما طالت الاغتيالات اثنين من أبناء مدينة العريش خلال يونيو الماضى، أحدهم عماد البصيلى مهندس بادارة مرور شمال سيناء، والآخر ماهر شعبان الذ يعمل باذاعة شمال سيناء وقد تم اغتيالهم امام اسرهم فى ابشع صورة قبل فرار المنفذين.

شمال سيناء شهدت مئات الاغتيالات لرموزها منذ بدء مواجهة الدولة للإرهاب قبل خمس سنوات، وكان لقبيلة السواركة نصيب الأسد، حيث تم اغتيال عشرات من أبناء القبيلة بأساليب مختلفة، إما بإطلاق الرصاص على الضحايا مباشرة، أو بالخطف ثم الذبح على أيدى العناصرالإرهابية، مثلما حدث مع الشيخ الزاهد سليمان أبوحراز فى نوفمبر 2016م ذبحا بالسيف بعد اختطافة لعدة ايام، وقام التنظيم الإرهابى بنشر إصدار مرئى لعملية الذبح.

 ومن رموز قبيلة السواركة الذين تعرضوا للاغتيال الشيخ  خلف المنيعى وأبنائه الثلاثة، والشيخ نايف أبوقبال، واللواء محمد سلمى قائد الامن المركزى برفح وأحد أبناء السواركة، وكذلك كامل أبوملحوس واسماعيل ابوزيد ، كما تعرضت القبيلة إلى مجزرة غير مسبوقة استهدفت أبناء "السواركة" بمسجد الروضة في مركز بئر العبد خلال نوفمبر من العام الماضى، راح ضحيتها ما يقارب 300 شهيد أغلبهم من قبيلة السواركة جراء هجوم ارهابى استهدف المصلين أثناء صلاة الجمعة، كما تعرض آخرون من أبنائها للذبح على يد عناصر داعش فى احداث متفرقة وحسب احصائيات غير رسمية وصل عددهم لاكثر من مائة  شهيد.

كما كانت قبيلة الفواخرية هدفا لعدد من الاغتيالات، أهمها اغتيال عبدالحميد سلمى عضو مجلس الشورى السابق واحد كبار القبيلة، في حادث تم أمام المسجد فى صلاة الفجر خلال غسطس 2013م، كما تعرض راشد ابورقية واحمد منسى شاهين وهما من رموز هذه القبيلة للاغتيال على يد مسلحين أمام منزليهما بمدينة العريش، بالإضافة إلى اختطاف الشيخ حمدى جودة شيخ القبيلة فى أبريل 2017، واختفائه عقب خروجه من منزلة  بمدينة العريش، ولم يتم الاستدلال على مكان اختفائه، كما لم تعلن أى جهة مسؤوليتها، تكرر الأمر مع أيمن سهمود من نفس القبيلة ولم يتم التعرف عن مكان احتجازه ولا الجهة التى احتجزته، لكن الجميع هنا فى شمال سيناء يتهم داعش باختطافهم.

الرميلات

قبيلة الرميلات برفح أيضا من القبائل التي تعرض عدد من رموزها للاغتيال على يد المسلحين، منهم الشيخ عطالله حماد والذى تم اغتياله على يد مسلحين بمنطقة جلبانه مركز القنطرة شرق أثناء تواجده بمنزله، كما نجا الشيخ عيسى الخرافين عضو مجلس الشعب السابق من محاولة اغتيال بمدينة العريش بعد تعرض سيارته لإطلاق نار وسط مدينة العريش، كما استشهد  العشرات من أبناء القبيلة على يد عناصر إرهابية بمناطق رفح والشيخ زويد

لم تسلم قبيلة أو عشيرة أو عائلة فى شمال سيناء من تعرض أحد أبنائها للقتل طوال السنوات الخمس السابقة، إما على يد عناصر داعش، أو بطلق نارى عشوائى نتيجة الاشتباكات، او على يد مسلحين مجهولين، دون معرفة الفاعل او القبض عليه.

كما شهدت المحافظة اغتيالات استهدفت الأقباط بمدينة العريش خلال الأعوام الثلاثة الماضية، وكذلك بعض الموظفين كان آخرهم مهندس بإدارة مرور شمال سيناء وموظف أمن بإذاعة شمال سيناء

ولم تسفر التحقيقات طوال السنوات السابقة عن كشف أي من منفذى عمليات الاغتيال رغم تنفيذها فى وضح النهار وأغلبها أمام المنازل، حيث يقوم مسلحون بمداهمة منزل المراد اغتياله وتصفيته أمام أسرته، ثم يلوذون بالفرار. وأصبح من المعتاد أن تفشل الأجهزة الأمنية فى الوصول إلى منفذى الاغتيالات أو حتى تقديم رواية مقنعة للراى العام تتضمن ظروف وملابسات الحوادث المتكررة بنفس الطريقة وفى وضح النهار، أو مجرد إجراء تحقيقات تصل إلى أي نتائج.

تكرار مسلسل الاغتيالات فى شمال سيناء دفع البعض للمطالبة بتسليح أبناء القبائل حتى يحموا أنفسهم، أو أن تتحمل الحكومة مسئوليتها فى حماية رموز العائلات.

ورغم عدم تبني أى جهة لعمليات الاغتيال الأخيرة، إلا أن مايميزها – برأي مراقبين - دقة اختيار الأهداف من قبل المنفذين، وتواترها خلال فترات زمنية متقاربة - أثناء العملية الشاملة سيناء 2018- مما يطرح العديد من التساؤلات حول غاية الاغتيال فى مثل هذا التوقيت والجهات المنفذة.

وأثارت آخر عملية اغتيال المزيد من المخاوف والشكوك بشأن مصير مستقبل مدينة العريش المجهول نتيجة تزايد الاغتيالات، وسط تساهل وجمود أجهزة الامن المنتشرة والمسيطرة على مدينة العريش خاصة والمحافظة عامة

عقب اغتيال الكاشف تلقى عدد من رموز العريش تهديدات مباشرة، بأن مصيرهم سيكون كمصيره، وأن الدور عليهم مما أثار الفزع لدى كل المنخرطين في العمل العام بالمحافظة، واستعد بعضهم للرحيل من المحافظة، خشية تنفيذ التهديدات

وحدثنى أحد المهددين بالاغتيال – طالبا عدم الافصاح عن اسمه - بأنه تلقى تهديدا بالقتل، وأن عليه الدور هذه المرة لتعاونه مع الأجهزة الأمنية، مع تاكيده أنه لا يعمل مع أى جهة أمنية، وطالب الأجهزة الأمنية بالكشف عمن يقف وراء الصفحات الوهمية والقاء القبض عليهم، لأن هذه الصفحات هي التي توجه التهديد المباشر بالقتل

وهناك حسابات وهمية كثيرة على موقع "فيس بوك" لأشخاص يهددون رموز شمال سيناء بالتصفية، ولم تقم الاجهزة الأمنية بملاحقة المسؤولين عنها أو كشفهم والقاء القبض عليهم رغم استمرار مسلسل الاغتيالات بلا توقف منذ خمس سنوات

واكتفت محافظة شمال سيناء ممثلة فى المحافظ اللواء عبدالفتاح حرحور باطلاق بعض أسماء شهداء الاغتيالات من أبناء المحافظة على قاعات الديوان العام والشوارع والميادين، دون كشف ملابسات الاغتيال والتعرف على المنفذين.

وكتب عمر الكاشف، أحد أبناء عمومة الشهيد سامى الكاشف على صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك": "أرفض كابن من أبناء عائلة الكاشف بالعريش كل مظاهر التكريم والاحتفال والمتاجرة بدم و بأبناء رمز من رموز عائلتنا استشهد غدرا برصاص مسلحين أمام منزله، قبل إعلان واضح وصريح بملابسات الحادث، وإعلان صريح من الدولة ومن يمثلونها الأخذ بثأر الشهيد".

وأضاف عمر الكاشف: "أناشد حكماء وكبار العائلة بالعودة الى الحق ورفض كل هذه المظاهر، وأصر على تحديد موعد اجتماع شعبي بديوان عائلة الشهيد، وإصدار دعوة عامة لكل أهالي العريش ومحبي الشهيد كرمز من رموز سيناء لتوحيد الصف وإصدار بيان شعبي باسم أهالي شمال سيناء، نطالب فيه دولتنا بالأخذ بالثار، وتوضيح ملابسات حادث الاستشهاد وتحديد شخصية الجناة واسباب ما فعلوه، بدون توجيه أصابع اتهام – غير حقيقي - لأي شخص وبوطنية وشجاعة"

واستدرك قائلا:" نريد أن نعطي لدولتنا لقطة للرجولة والوطنية وان يتساوى دم شهداء سيناء المدنيين، الذين قتلو بدم بارد بحجة تعاونهم مع الجيش والشرطة كعقاب لهم على وطنيتهم، ومساواتهم بكل دماء لاي شهداء قتلوا على ارض سيناء، كما أناشد شباب عائلتي الأحرار وشباب العريش بالتضامن معي في مطلبي هذا بدون حجج التحضير للاجتماع وغيرها من الحجج التي لا تعني شيئا سوى التهاون والتفريط في دم هذا الرجل الخدوم المعروف بحبه وانتمائه ووفائه لوطنه ولنا جميعا. واصر ايضا على طلبي هذا من اجل سيناء وليعلم كل مستهتر بدماء رموزنا ان هناك رجالا صامتين فقط لتقديرهم معركة دولتهم وليس خوفا من أحد، وكي تصل رسالة واضحة لكل ربوع مصر، أننا ندفع الثمن مع جيشنا من أغلى واثمن الدماء لدينا."

بينما يؤكد الناشط السياسى إبراهيم الكاشف " دائما لنا رأى ثابت أن الاتحاد قوة، لذلك دعونا عدة مرات لفتح الدواوين لتكون بديله للمجالس المحلية ودعونا كذلك لمؤتمر شعبى يضم كل الناس ولم نحدد وقتا بعينه لعقد اجتماع بديوان الكاشف، فأي دعوة ستوجه لرموز وشباب العائلة أولا، وبعد أخذ رأى الجميع، وهدفنا سيكون وضع الدولة أمام مسئولياتها وتحميلها أخطاءها، وليس كما دعا البعض إلي إثارة الفتنة بدعوات حمل السلاح، فنحن مواطنون واتحادنا سيجعلنا نلزم الدولة بكل مطالبنا والقيام بمسئولياتها بعكس مطالب الفتنة والتي تهدف الي عدم تحمل الدولة لمسئولياتها لأننا نؤمن أن سيناء تمر بمنحدر خطير لم تشهده من قبل." 

وأضاف: "فى الحروب السابقة كان عدونا ظاهرا أمامنا، ولكن الآن الوضع يختلف، سيناء تنزف منذ سنوات ومازالت ورغم ذلك فإننا على ثقة تامة أن سيناء تمرض ولا تموت، والتاريخ خير شاهد "
 ---------------

تحقيق من شمال سيناء بقلم: عبد القادر مبارك