17 - 07 - 2024

إيقاع مختلف| من أوقد وهج الضوء

إيقاع مختلف| من أوقد وهج الضوء

كثيرون منا لا يلتفتون إلى القيمة الحقيقية  التى يمثلها المعلم فى عقول تلاميذه وطلابه ولا للمكانة التى يحتلها فى حيواتهم، وخاصة فى المراحل الأولى من التعليم، وكيف أنه لا يمثل فقط مصدرا للمعلومات والمعارف، وإنما يتحول إلى البوابة الملكية للعبور إلى الحياة.

هو فى أعين طفولتهم جبل شامخ، وقطب جليل، وملاك بشرى يمشى على الأرض، إذا أحبوه أحبوا كل ما يقول، وإذا أحسوا بإخلاصه صار كل ما يقول قوانين عيش ودستور حياة.

تذكرت هذا وأنا أكتب إهداء كتابى الجديد "الإلقاء فن المبدعين" حيث وجدتنى أكتب الإهداء على هذه الصورة "إلى استاذى فى المرحلة الابتدائية (أ. فخرى على الدين) أول من أوقد وهج الضوء فى صوتى، وإلى أساتذتى فى المرحلة الثانوية (دكتور متولى البساطى) و (دكتور ربيع عبد الرحيم) و(أ. فؤاد محروس) من فتحوا أمامى حدائق اللغة وبساتين الأدب".

ولو شئت الإنصاف لسبقتهم بمعلمة الصفوف الأولى من تعليمى"أبلة شهيدة"، لكننى لم أنسها ولم أتجاوز اسمها لا عمدا ولا سهوا، وإنما كان وقوفى أمام هؤلاء الأقطاب الأربعة لاتصالهم العميق بموضوع الكتاب الذى يحمل الإهداء إليهم.

فهذا القطب الذى أوقد الضوء فى صوتى كان أول من دعانى وأنا فى العاشرة من عمرى لأقف خطيبا وسط ذلك الجمع الذى كان يبدو لعينى طفولتى جمعا حاشدا لا نهاية له من الأساتذة والتلاميذ وأولياء الأمور ومسؤولى الجهات التعليمية، واثقا أنى سأوصل الرسالة على خير وجه، وأظننى لم أخذله يومها.

وأما الأقطاب الثلاثة فكان لكل منهم منهجه الخاص فى تحبيب اللغة والأدب إلى وتحبيبى إليهما، وكانوا يصبرون كثيرا على نزق مراهقتى ومشاكسة شبابى الباكر وأنا أدرب ذائقتى وحجتى وقدرتى على النقاش بل والجدال وأحيانا المكابرة.

كان أحدهم يتفنن فى التعامل مع مفردات اللغة مستقصيا جذورها كاشفا عن حيويتها، وكان الثانى يحيل النحو حديقة للبهجة، والقصائد بساتين للنزهة، أما أولهم فكان معنيا ببناء شخصية الأديب داخلى وأظنه كان يرى بعين بصيرته أنه سيكون لى مع الأدب عامة والشعر خاصة شأن وأى شأن.

أتذكر هذا الآن وأنا أتأمل حال التعليم فى بلادى اليوم، وأتساءل عما سوف يدين به تلاميذ اليوم لمدرسيهم وأساتذتهم فى الغد القريب!
 ---------------

بقلم: السيد حسن

مقالات اخرى للكاتب

جِيل من الصور الطلِيقَة