16 - 08 - 2024

محللون يكشفون ما لم يقله أردوغان في قمة طهران

محللون يكشفون ما لم يقله أردوغان في قمة طهران

لم يقل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان كل شئ في قمة طهران التي جمعته مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والإيراني حسن روحاني، وبدا أردوغان في نهاية تلك القمة الخاسر الأكبر

وتقول مصادر تركية، إن هناك كلاما لم يرد أردوغان أن يدلي به في قمة طهران، موضحين أن أردوغان يخشى من تمركز إيراني طويل الأمد في منطقة يعيش فيها مواطنون سوريون علويون حول محافظة إدلب المتصلة بريف اللاذقية، والواقعة في منطقة ملاصقة لحدود تركيا، حيث يعيش على الجانب الآخر أتراك ينتمون إلى الطائفة العلوية أيضا.

ويخشى أردوغان من توغل طائفي إيراني في المنطقة، يقوم على سياسة تغيير ديموغرافي على مدار أعوام، وهي نفس السياسة التي تحاول إيران تطبيقها في دمشق وحولها، وإذا حدث ذلك في إدلب، فستتحول هذه المنطقة إلى "قنبلة طائفية موقوتة على الحدود التركية"، تضاف إلى أزمة تركيا المستمرة مع الأكراد في المنطقة، وهي قضية يمكن أن يثيرها الرئيس التركي في قمة سوتشي القائمة مع نظيره الروسي.

وأكد المتحدث الصحافي باسم الرئاسة الروسية، دميتري بيسكوف، أنه يجري التحضير لعقد لقاء بين بوتين وأردوغان، في سوتشي الاثنين المقبل، وذلك في تعليق على تصريحات تركية تحدثت عن لقاء قمة بين الرئيسين بشأن متابعة تفاهمات قمة طهران الأخيرة، بينما أعلن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، الجمعة، أن أردوغان سيعقد لقاء مع بوتين يوم الاثنين المقبل لبحث الملف السوري.

آآ 

ويلفت محللون سياسيون إلى أن الرئيس التركي يتحول مع الوقت، وبشكل متدرج، من منظومة أستانة التي تعني حلا عسكريا وسياسيا بمواصفات روسية إلى المعسكر الغربي عبر لعب دور الوكيل الذي يعطل نصرا تاما يخطط بوتين لتحقيقه في نهاية التدخل العسكري في سوريا، وذلك بزرع العراقيل مثل التلويح بمضاعفة تسليح المعارضة ودفع القوات السورية إلى حرب استنزاف طويلة في إدلب ومحيطها، ما يقلل من المكاسب الروسية.

ويعتقد المحللون أن التغير التركي في الموقف من إدلب والتراجع عن التنسيق الكامل مع روسيا، سببه وجود ترتيبات أميركية تركية، تم الاتفاق عليها من وراء الصخب الخاص بالأزمة الاقتصادية، وتتولى من خلالها أنقرة عرقلة الحل الروسي في إدلب باللعب على الورقة الإنسانية، والمجاهرة بإظهار الاختلاف الكامل مع روسيا خلال قمة طهران، وهو ما سعى الرئيس التركي لإظهاره بشكل صادم في كلمته.

وخلال الأيام الأخيرة نشطت حركة الزيارات والاتصالات التي أجراها مسؤولون عسكريون وسياسيون أميركيون مع نظرائهم الأتراك، وبدا في الصورة أنها تهدف إلى تطويق الخلافات بشأن العقوبات الاقتصادية المتبادلة، لكن مؤشرات تتجمع لتأكيد أن الهدف كان مقايضة تبريد تلك الخلافات بتقارب أقوى في ملف إدلب.

ويشدد المحللون على أن الروس يفهمون هذا التكتيك الأميركي ويمنحون الأتراك فرصة حتى يحافظوا عليهم في معسكرهم، خاصة أن أنقرة قادرة على تفكيك الجماعات المتشددة بما تمتلكه من سجل استخباري في العلاقة بتلك الجماعات وداعميها.

آآ 

ولا تستطيع روسيا أن تضغط أكثر لأن من شأن ذلك أن يقود إلى خسارة تركيا والدفع بها إلى المعسكر الغربي مجددا، وهذا ما يعول عليه وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو ومستشار الأمن القومي جون بولتون اللذان يمسكان بملف العلاقة مع روسيا في ما يتعلق بالملف السوري.

وتحتاج روسيا إلى البعض من الوقت لاستكشاف جدية ردود الفعل الغربية تجاه الهجوم المتوقع على إدلب، خاصة مع تصريحات ألمانية وفرنسية فيها تلويح بالتصعيد والتحرك كردة فعل على استعمال الأسد أسلحة كيمياوية في المعركة، وربما توفر تركيا هذه المهلة من خلال لعبها على الحبال المختلفة.

ومن الواضح أن لا أحد يمتلك حاليا قرار البدء بالهجوم، وأن الجميع ينتظر لحظة الحسم في موسكو التي لا تزال تبحث عن ترتيب مرحلة ما بعد الهجوم، وخاصة من سيتولى إعادة الإعمار بعد تصريحات غربية تربط بين ضخ الأموال وحل سياسي يناقش مصير الأسد، وهو ما تعارضه روسيا بشدة، بينما تعيش إدلب ومحيطها حالة من الهدوء بانتظار قمة الاثنين بين بوتين وأردوغان.