17 - 07 - 2024

هل استخدمت روسيا سلاحاً متقدماً لإتلاف أدمغة موظفين أميركيين في كوبا؟

هل استخدمت روسيا سلاحاً متقدماً لإتلاف أدمغة موظفين أميركيين في كوبا؟

إن بي سي

رغم عدم توافر الأدلة حتى الآن، تضع وكالات الاستخبارات الأميركية، روسيا على رأس قائمة المشتبه بهم في تورطهم بـ"الهجمات" الغامضة التي أدت إلى إصاباتٍ في أدمغة موظفين أميركيين كانوا يعملون بكوبا والصين.

وبالرغم من أن وكالات الإستخبارات الأمريكية هي المسؤولة عن التحقيق، ففي لقاءآ لـ5 مسؤولين أميركيين مع قناةآ NBCالإخبارية الأميركية، قالوا أن هذه الشكوك في تورط روسيا بالهجمات المزعومة "تدعهما أدلةٌ من اتصالاتٍ اعترضتها الوكالات، فيما يُعرف في عالم التجسس باستخبارات الإشارة، وجُمِعَت تلك الأدلة أثناء تحقيق مطوَّل ومستمر اشترك فيه مكتب التحقيقات الفيدرالي ووكالة الاستخبارات المركزية، وغيرهما من الهيئات الاستخباراتية الأميركية.

ورفض المسؤولون تقديم المزيد من التوضيح حول طبيعة المعلومات الاستخباراتية المتوافرة لديهم.

ومع ذلك، فإنَّ الأدلة المتوافرة ليست قاطعةً بما يكفي لتسمح للولايات المتحدة بتحميل موسكو المسؤولية بشكلٍ رسمي عن الأحداث التي بدأت نهاية 2016 ولا تزال مستمرةً حتى الآن، ما أسفر عن إحداث صدعٍ كبير بالعلاقات الأميركية- الكوبية.

ويعمل الجيش الأميركي منذ 2017 على إعادة تصميم السلاح أو الأسلحة المستخدمة لإلحاق الأذى بالدبلوماسيين الأميركيين، حسبما ذكر مسؤولون من إدارة ترامب ومساعدون بالكونغرس ومسؤولون آخرون في التحقيق الذي أجرتهآ NBC، ويشتمل عمل الجيش الأميركي على اختبار عدة أجهزة على الحيوانات، وكجزءٍ من هذا الجهد المبذول لجأت الولايات المتحدة إلى القوات الجوية وبرنامج أبحاث الطاقة الذي تديره بقاعدة القوات الجوية في كيرتلاند في نيو مكسيكو، حيثُ يمتلك الجيش مختبرات متقدمة وأجهزة ليزر ضخمة لاختبار الأسلحة الكهرومغناطيسية ذات الطاقة العالية، ومن ضمنها الأسلحة ذات الموجات الدقيقة.

ورغم أنَّ الولايات المتحدة تؤمن باحتمالية استخدام أسلحة متقدمة ذات موجات دقيقة أو نوع آخر من الأسلحة الكهرومغناطيسية لاستهداف الموظفين التابعين للحكومة الأميركية فإنَّها أيضاً تستطلع احتمالية استخدام تقنية أخرى أو عدة تقنيات يمكن أن تكون ذات صلة بأسلحة الموجات الدقيقة، وفقاً لما ورد على لسان المسؤولين وغيرهم من المشاركين في التحقيق الذي تجريه الحكومة.

وذكرت الولايات المتحدة أنَّ 26 من موظفي الحكومة أُصيبوا في هجمات غير مفهومة بمنازلهم وفي فنادق كانوا ينزلون بها في هافانا بدءاً من نهاية 2016، وأسفرت تلك الهجمات عن إصاباتٍ في الدماغ، وفقدان السمع، ومشكلاتٍ بالإدراك والتوازن والرؤية والسمع.آ 

ودفعت الأصوات الغريبة، التي ذكر الموظفون أنَّهم سمعوها، المحققين إلى الاشتباه في استخدام سلاحٍ صوتيٍّ، إلا أنَّ مكتب التحقيقات الفيدرالي قرر بعد ذلك أنَّ الموجات الصوتية وحدها لا يمكن أن تسفر عن الإصابات المذكورة.

وخلال العام الحالي، جرى تشخيص موظف أميركي في الصين بأعراضٍ مشابهة بعد أن سمع أصواتاً غريبة في مدينة غوانزو، ويجري اختبار المزيد من الحالات بالصين في الوقت الحالي.

ولا يزال الدافع المحدد لتلك الهجمات غير واضح، غير أنَّها أحدثت شقاقاً بين الولايات المتحدة وكوبا، أدى إلى إجلاء معظم الدبلوماسيين والجواسيس الأميركيين.

آ وفي بداية التحقيق أثار مسؤولون أميركيون رفيعو المستوى احتمالية أن تكون الإصابات نتيجة غير مقصودة لاستخدام بعض تقنيات التجسس، غير أنَّ استمرار وقوع الحوادث بعد فترة طويلة من خروجها إلى العلن، أثار الشكوك حول إمكانية أن تكون الإصابات عارضة أو غير مقصودة.

وأجمع مسؤولو الخارجية الأميركية، في شهادةٍ أدلوا بها أمام الكونغرس، الأسبوع الماضي، على ضرورة التعامل مع الحوادث باعتبارها "هجمات".

وقال السفير بيتر بودي، الذي يرأس الفريق المعنيّ بالاستجابة لتلك الحوادث، في جلسة استماع أمام لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس"وصلت وزارة الخارجية إلى قناعة بأنَّ هذه الحوادث في الواقع هجمات".

وصرَّح مسؤول في الخارجية الأميركية، بشكلٍ منفصل، لقناةآ NBC، بأنَّ الولايات المتحدة "لا تملك سبباً يدفعها للتشكيك في كون هذا عملاً متعمَّداً".

وفي حال ثبت أنَّ روسيا قد استخدمت بالفعل سلاحاً متقدماً لإتلاف أدمغة موظفين أميركيين، فإنَّ هذا يعد تصعيداً خطيراً في الاعتداء الروسي على الدول الغربية، لا سيما بعد استخدام غاز أعصاب عسكريّ لتسميم جاسوس سابق وابنته في بريطانيا.آ 

ورغم صعوبة التكهن بمدى تأثير التداعيات الدبلوماسية لذلك، فإنّ الإقرار بمسؤولية روسيا عن هجمات كوبا سيثير الغضب في الكونغرس والعواصم الأجنبية، ويدفع إلى ردٍ فوريٍّ وقويٍّ، خصوصاً في ظل التساؤلات حول ما إذا كان ترامب مستعداً لتحدي روسيا ورئيسها فلاديمير بوتين.

وقالت هيذر نويرت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، في بيانٍ لها "التحقيق لا يزال مستمراً، ولم ننتهِ إلى أي نتيجة حتمية بعدُ حول الجهة المسؤولة أو السبب المسؤول عن الهجمات على الموظفين الأميركيين".

وذكر المسؤولون الأميركيون لقناةآ NBC، أنَّ قائمة ضحايا الهجمات تشمل العديد من موظفي وكالة الاستخبارات المركزية، وعضواً واحداً على الأقل في الجيش الأميركي، وممثلين من هيئات أخرى، وذلك رغم أنَّ الجهات الرسمية الأميركية لم يسبق لها أن كشفت عن هوية الضحايا قَط.

ولا تزال الأعراض الطبية المحددة لغزاً حتى بالنسبة لأطباء جامعة بنسلفانيا القائمين على علاج المرضى.

وبحثاً عن حلٍّ لذاك اللغز، جمعت الولايات المتحدة، في 14 اغسطس الماضي، مسؤولين من وزارة الطاقة والمعاهد القومية للصحة ووزارة الخارجية والحكومة الكندية في مختبرات سانديا بولاية كاليفورنيا، حسبما ذكر مسؤولون طبيون من وزارة الخارجية الأميركية.

واشترك في الاجتماع خبراء أميركيون كانوا يحضرون مؤتمراً عن الإصابات العصبية في تورونتو عبر الهاتف، إذ عرض أطباء جامعة بنسلفانيا آخر ما توصلوا إليه من نتائج فنية، غير أنَّ الاجتماع انتهى دون أي استنتاجٍ طبيّ جديد.

وبحلول سبتمبر 2017 بدا أنَّ الهجمات قد توقفت، لكن بعد ذلك، وصلت تقارير عن وقوع حوادث جديدة في إبريل ومايو 2018، أسفرت عن حالتين جديدتين مؤكدتين.

وإحدى هاتين الحالتين عاملٌ أُرسِلَ إلى هافانا في مهمةٍ مؤقتة لشغل وظيفة شاغرة، واستُهدِفَ خلال ساعاتٍ قليلة من وصوله إلى البلاد، حسبما ذكر شخصان لقناةآ NBC.

وفي الوقت نفسه تقريباً من مايو 2018، كشفت وزارة الخارجية الأميركية أنَّ عاملاً أُرسِلَ إلى القنصلية الأميركية في مدينة غوانزو بالصين أفاد بسماع أصوات غير مفهومة، ثمَّ شُخِّصَت حالته بإصاباتٍ في الدماغ وأعراض أخرى تتسق مع الحالات المصابة في كوبا.آ 

ولا يزال من غير الواضح مدى ارتباط الدليل الأميركي على تورط روسيا، بهجمات الصين؛ إذ لا يزال التحقيق في مرحلةٍ مبكرة.