21 - 10 - 2024

معارضون ومؤيدون يكتبون روشتة للأمان في زمن لا يقبل "التنوع السياسي"

معارضون ومؤيدون يكتبون روشتة للأمان في زمن لا يقبل

بحجة المرحلة الحرجة والفترة الاستثنائية: لا مجال للمعارضة والاختلاف السياسي

معارضة النظام تحتاج إلى الابتعاد عن المواجهة المباشرة .. والاتهامات معروفة وجاهزة لأي معارض: "التعامل مع جهات مشبوهة"

مدحت الزاهد: لا أمل في وجود مساحة للاختلاف والمعارضة وفق مفاهيم سياسية 

مصطفى كامل السيد: ما زال هناك تخوف من تكرار ما جرى في يناير 2011

حسن نافعة: النظام لم يعد يحتمل أدنى قدر من الاختلاف وليس أمام أحد إلا "الاصطفاف خلف السيسي"

قال سياسيون وحقوقيون إن حالة القمع والإعتقال تتسع، خصوصاً بين من يعارضون النظام وأصحاب الرأي، والتهمة دائماً "إثارة الفوضى، والتعاون مع القوى المتأمرة، والتهمة الأسهل هي التعاون مع الإخوان".

وأشاروا إلى أن فكرة الحريات في الفترة الحالية أصبحت بعيدة، وهناك من يبرر ذلك بأن البلاد تمر بمرحلة حرجة، وفترة استثنائية، وهو ما أدى إلى تضييق مساحة الاختلاف، مؤكدين أن شيئاً لم يتغير حتى الآن.

وقال سياسيون: إن النجاة من هذا الملاحقة يتطلب البعد عن الشبهات، وبالذات العلاقة والتواصل مع القوى التي تعتبر مشبوهة ولها أطماع في الحكم.

يرى مدحت الزاهد، رئيس حزب التحالف الشعبي،أن الانتهاكات والاعتقالات ليس لها آخر وقد لا ينجو أحد منها فمن الواضح أنها ستطال الجميع خصوصاً من يرى فيهم النظام طامحين إلي السلطة.

وأضاف، أن الأمر هنا لم يعد يقف عند فصيل سياسي فمن يرى فيه النظام أنه يمثل قوة ضاربة في الشارع، لن يفلت من المطاردة وسيكون سلاح توجيه الاتهامات مفتوحا بما فيها التحالف مع قوى وفصائل ضد الدولة.

وأوضح، أن التجربة خلال السنوات الماضية أثبتت ذلك بوضوح، فلا أمل في وجود مساحة للاختلاف والمعارضة وفق مفاهيم سياسية بمساحة من الحريات والديمقراطية.

وقال: لا نستطيع القول بأن هناك فصيل وتيار معارض في أمان كامل في المرحلة الحالية، فإن تركه النظام لن يتركه من يتمسحون بالنظام وكتائب المحامين الذين وضعوا أنفسهم في خدمته، من خلال تحريك دعاوى التحريض والتخوين.

وأشار الزاهد إلى أنه وإذا أردت أن تبقى على الساحة السياسية فالطريق هو اللعب في المنطقة الخضراء البعيدة عن الطمع في السلطة والابتعاد عن المناطق الغامضة ولاشك أن وجود عدم شبهات بتمويل أو تحالفات أحد أهم وسائل النجاة.

ومن جانبه، يقول الدكتور مصطفى كامل السيد، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن هذه التوقيفات تشير إلى أن "شيئاً لم يتغير في السياسات الأمنية للنظام" المصري، وبالتالي ما زال هناك تخوف من تكرار ما جرى في يناير 2011.

وأوضح، أنه في ضوء ذلك فإن القبضة الأمنية تطول الجميع، خصوصاً أن صناع القرار يخشون من أن يستغل الناشطون، وبالذات الذين ارتبطت أسماؤهم بثورة 2011، الظروف لتعبئة المواطنين ضد نظام السيسي، فأعباء الإصلاح الاقتصادي تقع آثاره المتمثلة في ارتفاع الأسعار على الغالبية العظمى من المصريين.

ويشير خالد داود، رئيس حزب الدستور السابق إلى أن تلفيق التهم جاهزة ضد كل من يختلف معهم سياسياً مع النظام، بهدف الحبس وتكميم الأفواه والحجر على الآراء لسنوات، وليس هناك أحد بعيد عن ذلك.

ويرى الدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن النظام يرغب وبشدة في منع وجود أي هامش للمعارضة أو الاختلاف وأنه لن يقبل من أي فرد في المجتمع المصري إلا أن ينضوي بالكامل تحت لواء النظام ويوافق على كل سياساته، وإلا فعليه أن ينتظر الاتهام إما بأنه عضو في الإخوان أو أنه يتعاون مع منظمة إرهابية.

وأضاف، أن النظام لم يعد يحتمل أدنى قدر من الاختلاف، وليس أمام أحد إلا الاصطفاف خلف السيسي وأن يكون كل المجتمع المصري على قلب رجل واحد، فالقضية هي أن النظام لا يريد أبداً وجود مجال عام وليس هناك إلا مبدأ: "إما معنا أو ضدنا"، وبالتالي فسيف الاعتقال والاتهام قائم ضد أي معارض طالما تم تصنيفه معادياً للسلطة ومجازاً "الدولة".

ويرى نافعة، أن المعارضة المصرية بجانب خلافاتها العميقة فهي فعلاً خائفة من حملات الملاحقة والتخوين المستمرة والتي لم تترك لها أي مجال للعمل وفق القانون، ولكن الخوف لا يجب أن يمنع التنسيق أو التشاور بين أطيافها على اختلاف وجهات نظرها، فهناك أمراض كثيرة أصابت قوى المعارضة وعليها أن تتخلص منها أولاً إذا كان لها أن تقوم بالدور المطلوب منها في هذه الأوقات العصيبة.

من جانبه يقول زياد العليمي المحامي والحقوقي: إن الحقوقيين في مصر يخشون كثيراً من فقدان المواطن المصري للثقة في أدوات العدالة ففي هذه اللحظة سيبدأ الناس في الحصول على حقوقهم بأنفسهم وهذا هو الخطر الحقيقي على الدولة وقد يسبب انهيارها ويمكن أن نلاحظ بسهولة بوادر هذا الأمر من ازدياد معدلات العنف في الشارع وارتفاع معدلات الجريمة، مشيراً إلى أن القمع والإعتقال يطال الجميع.

وأضاف: أن وجود قمع هائل وأساليب غير قانونية في التعامل مع الناس سيدفعهم في وقت ما إلى الانفجار، فحالة مثل احتجاز زوجة وطفلين لشخص يريد الأمن القبض عليه بهدف الضغط عليه لتسليم نفسه، أمر خارج عن كل الأعراف والقوانين تماماً، وبالتالي كسر قواعد القانون يمثل خطراً شديداً على ثقة المصريين في العدالة.

ويحدد محمود إبراهيم، مدير مركز الاتحادية للدراسات، روشتة البقاء بعيداً عن سيف الإعتقال، في الالتزام بمفهوم أن حرية الرأي متاحة في مصر شريطة ألا يتم إعطاء شرعية أخلاقية لأفعال الإخوان أو الدعوة لعودتهم ولا المطالبة بإسقاط النظام ولا محاولة تقويض شرعيته بالتحريض على قضايا اقتصادية وخلافه.

وأضاف إبراهيم في تدوينه له، "من كان يريد أن يعبر عن رأيه في سياسات عامة أو قضايا اقتصادية، لابد أن يبتعد عن التلويح بأن هناك فوضى أو أن النظام سيسقط أو يجب إسقاطه أو انتظروا القادم فهو أسوأ، فكل هذه تعبيرات غير مقبولة"، موضحاً أن حرية الرأي والتعبير في مصر متاحة حتى لو عليها بعض القيود في هذه اللحظات وفق مقتضيات هذه المرحلة.

_________________
تقرير: رامي الحضري

من المشهد الأسبوعي