17 - 07 - 2024

أزمة عقارية تلوح فى الأفق بعد العزوف عن حجز وحدات وزارة الإسكان

أزمة عقارية تلوح فى الأفق بعد العزوف عن حجز وحدات وزارة الإسكان

شهد طرح وزارة الإسكان والمرافق، لوحدات مشروع سكن مصر المرحلة الثانية، عزوفاً من المواطنين عن حجز الوحدات التى تم الإعلان عنها، حيث تقدم للحجز نحو8649  مواطنًا، بنسبة تقترب من ٤٣٪ من إجمالي عدد الوحدات المطروحة والتى تبلغ نحو 20 ألف وحدة فى 8 مدن جديدة ، هذا ويتخوف العديد من الخبراء والمتخصصين بالقطاع العقاري، من هذا العزوف منوهين على أن ضعف الإقبال يعد مؤشرا قويا على ركود السوق في ظل ضعف القدرة الشرائية التي أصابت المواطنين بعد هوجة الأسعار التي طالت الكثير من القطاعات وعلى رأسها القطاع العقارى.

فى البداية أكد المهندس جمال طلعت، نائب رئيس الهيئة لقطاع التنمية وتطوير المدن المساعد، أن الوزارة طرحت 3 محاور، تضمنت مشروع سكن مصر وأكبر قرعة للأراضي خلاف وحدات الإسكان الاجتماعى، بما جذب شرائح كثيرة من المواطنين في تلك الطروحات، منوهاً على نجاح الوزارة في مواجهة مشكلة الإسكان في مصر.

وأضاف "طلعت" فى تصريحات خاصة، أن  وزارة الإسكان لن تنفذ جميع الوحدات التي أعلنت عن طرحها ولكن ستنفذ الوحدات على حسب الطلبات التي تلقتها. وتشمل على 8 الأف وحدة سكنية بالإعلان الأخير لها.

وأشار "طلعت" إلى أن الإعلان تضمن حجز 20 ألف وحدة في 8 مدن جديدة، ضمن المرحلة الثانية من وحدات مشروع "سكن مصر" ، حيث بلغ سعر المتر فى مدينة القاهرة الجديدة 6650 جنيها للمتر، ومقدم حجز 70 ألف جنيه، ومدينة 6 أكتوبر وصل سعر المتر إلى 5525 جنيهًا، كسعر موحد للمتر في كل الوحدات بمقدم حجز يصل إلى 60 ألف جنيه، وأن جميع الوحدات المطروحة بمساحة حوالي 115 مترا، بمستوى تشطيب متميز، وسيتم تسليمها خلال 18 شهراً.

فى نفس السياق أكد محمد يوسف، الخبير العقاري، أن عزوف المواطنين له أسباب عديدة ، يأتي فى مقدمتها هو أن المعروض أكثر من المطلوب خلال الفترة الراهنة لهذه الشريحة المجتمعية، بالإضافة إلى وجود العديد من الوحدات السكنية سواء من خلال الجيش أو الجمعيات ووزارة الاسكان بخلاف القطاع الخاص، ومن ثم لا نستطيع تحديد إذا كان هناك عزوف عن الشراء أم لا.

وأضاف "يوسف" أن السمة الرئيسية للاقتصاد المصري خلال الفترة الراهنة هو فتح محاور رئيسية بالطرق والكباري للتعمير فى جميع أنحاء الجمهورية بدأ من سيناء حتي أسوان، وبالتالى ينتظر الجميع نتائج المشروعات القائمة أمالاً فى طرح أراضى كبيرة جداً على محاور الطرق بأسعار منخفضة.

وفى سياق مغاير تماماً قال الدكتور أحمد أنيس، مؤسس الجمعية المصرية للتقييم العقارى، إن تراجع الإقبال على طرح وحدات سكن مصر، ليست المرة الاولى التى يتم فيها العزوف عن التقدم لحجز الوحدات من جانب المواطنين، حيث تكرر خلال طرح الوزارة لوحدات مشروعات الإسكان الاجتماعى، "600 ألف وحدة" ولم يتقدم سوى 350 ألف مواطن للحجز وقت ذاك، نتيجة تراجع القدرة الشرائية للمواطنين بعد تحرير سعر الصرف وارتفاع أسعار الوحدات بالنسبة لقدراتهم المالية.

وأضاف "أنيس"، أن أسعار الوحدات المطروحة تعد مرتفعة وخاصة وإن دخول المواطنين لم تشهد أي زيادة بالرغم من ارتفاعات الأسعار بالسوق، وتوقع تباطؤ حركة البيع بالسوق نتيجة زيادة المعروض من المشروعات خلال الفترة القادمة ولكنه لم يحدث حتى الآن.

وأشار "أنيس" ألى ان المؤشرات الأولية للعزوف تؤكد أننا مقبلون على أزمة عقارية بالفعل نتيجة أن الضمانات التي تطرحها الوزارة غير كافية ، فنسبة الـ١٠٪ التي تحصل عليها الوزارة في حجز الوحدات  وبعد ذلك تحصل على تمويل البنوك وتبيع الوحدات لشركات التأمين، يعيد مشاهد أزمة ٢٠٠٨ العالمية والتي كان سببها أزمة العقارات، وشراء غير القادرين على السداد، خاصة مع ارتفاع سعر المحروقات وما ترتب عليها زيادة أسعار كل المنتجات وهو ما سيجعل حاجزي الوحدات عاجزين عن سداد الأقساط ، مؤكدا أننا مقبلون على أزمة عقارية بالفعل وللأسف أزمة غير مدرجة في قائمة أزمات الحكومة .

ومن جانبه قال مجد الدين إبراهيم، وكيل وزارة الإسكان الأسبق، إن قواعد العرض والطلب هي التي تحكم السوق، وهناك أكثر من سبب لتراجع الإقبال على حجز الوحدات بالمشروع ومنها ارتفاع أسعاره بالنسبة للشريحة المستهدفة من المواطنين علاوة على موجة الارتفاعات التي يشهدها الشارع المصرى بسبب تراجع قيمة الجنيه وتوابعه من ارتفاع في الأسعار مواد البناء ومستلزمات البناء والتشييد ومختلف السلع الأخرى، وفى ذات الوقت ثبات الرواتب والدخول بما أدى لتراجع القوة الشرائية بالسوق، وصار المواطنون يتجهون للشراء للمناطق العشوائية نظرا لانخفاض أسعارها".

وأضاف أن المواطنين الأقل دخلاً والفئة المتوسطة هم الأكثر تأثرا بارتفاعات الأسعار على عكس الشرائح الأعلى دخلا، ولذلك ستشهد تلك الشرائح هدوءا في المبيعات، لافتا إلى  نقطة مهمة وهي وجود نحو 10 ملايين وحدة مغلقة بحسب بيانات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء.

وحول توقعاته باتجاه السوق الفترة القادمة، قال مجد الدين،إن من الصعب توقع اتجاه السوق ومدى تعرضه لحالة ركود ولكن يظل الاستثمار العقارى أكثر أمنا لدى المصريين ويحتفظ بقيمته وليس له تكاليف مستمرة، مؤكدا على أن أسعار العقارات لا تزال هي الأرخص بالمنطقة وهناك فرصة جيدة لتسويقه بين المصريين بالخارج وصارت أسعاره تنافسية بشكل كبير ولذلك اتجهت الدولة والمطورون العقاريون لتصدير العقار.

وردا على اقتراحات البعض بضرورة تنشيط التمويل العقارى للتغلب على ضعف القدرة الشرائية، قال مجد الدين قد يكون ذلك أحد الحلول ولكن ستظل أسعار الفائدة مرتفعة بسبب معدلات التضخم وخاصة وأن التمويل سيكون على مدد طويلة بما يعنى وجود عبء أكبر على المواطن.
-------------------
تقرير- أيمن الضبع