30 - 06 - 2024

حرية الصحافة .. قبل السقوط الأخير

حرية الصحافة .. قبل السقوط الأخير

ليس هناك من لا يشعر بعمق الأزمة التي تعيشها مهنة الصحافة، وليس هناك من لا يدرك أن المأساة التي نعيشها الآن أدخلت الصحافة في بيت الطاعة وحاصرت الأقلام والأفكار والصور بل والخيال .. 

في تحليل المأساة المستمرة منذ عدة سنوات نلف جميعنا وندور دون أن نعلن بوضوح أن الأزمة الحقيقية التي نعيشها سببها الأهم هو غياب حرية الصحافة، والقيود المفروضة على الكتابة والنشر، فلا صحافة بلا حرية،  ولا جمهور يقرأ بلا رؤى متعددة وسياسات تحريرية متنوعة .. 

صحيح أن الصحافة تحيا في هذه اللحظة أزمات كبيرة، فلا أجور عادلة ولا علاقات عمل متوزانة ولا استقرار مالي وإداري، لكن تبقى كل هذه الأزمات هي الأسهل في طرح الحلول لها ومعالجة كل آثارها على الصحفيين إذا تمكننا من حل المشكلة الأساسية، أي حرية الصحافة، فهي المشكلة الأم التي ينتج عنها معظم المشكلات، لا سيما المالية منها، فدون الحرية والتنوع ينصرف القاريء والمعلن وتخسر الصحيفة وتغلق البيوت .. 

في الدفاع عن حرية الصحافة طرق متنوعة، أولها هو ضرورة الإيمان أن الصحافة بلا حرية تموت، وأن العمل في هذه الأجواء الخانقة مجرد " حلاوة روح "، وأن دفاعنا هذا ليس ترفا بل هو واجب على كل من يعمل بمهنة البحث عن الحقيقة، بعد كل هذا يأتي دور نقابة الصحفيين التي ارتبط دورها تاريخيا بقيم الدفاع عن الحريات الصحفية، واعتبار هذا الدفاع هو الأصل في وجود المهنة واستمرارها وتطورها ، وهذا هو دور أعضاء الجمعية العمومية للنقابة، وكل الصحفيين، لممارسة ضغوط حقيقية على نقابتهم وإلزامها بوضع قضية الحريات الصحفية في مقدمة أولويات مجلسها والانتباه للأوضاع التي وصلت إليها الصحافة وكل العاملين بالمهنة ..

خلال السنوات الثلاث الأخيرة خسرت الصحافة جولة، ولكن ما زالت هناك جولات إذا ما انتبهنا إلى أن المهنة في طريقها للاندثار في ظل الحصار المفروض عليها، وإذا ما اعتبرنا دفاعنا عن حرية الصحافة هو دفاع عن " لقمة عيش" بالأساس، وإذا ما قررنا أن نغضب لمهنة أهينت كما لم يحدث من قبل في تاريخنا الحديث بأكمله .. 

حرية الصحافة ليست ترفا، ودفاعنا عنها يعني الدفاع عن الصحافة وبقائها، هذه رسالتي لزملاء ورفاق مهنة البحث عن الحقيقة، لقد سقطت الصحافة في فخ الحصار خلال السنوات الماضية حتى وصل الحال بنا إلى هذا الوضع المهين ، فانتبهوا قبل السقوط الأخير!
 --------------

بقلم: عمرو بدر*
عضو مجلس نقابة الصحفيين

مقالات اخرى للكاتب

نقابة الصحفيين.. المبنى والمعنى





اعلان