16 - 08 - 2024

الخوف سيد اللحظات

الخوف سيد اللحظات

بمناسبة عيد الهالوين؛ عيد الرعب والخوف الذي يجعل الأطفال والكبار يقتربون من الأرواح، والموتى، والعالم الخفي في الظلام كي يخرجوا تلك الطاقة المختبئة في داخل نفوسنا منذ عاش الإنسان الأول في الكهوف، ويتعاملوا معها بإدراكها أولاً، ثم بإطلاقها نحو النور كي يتحرروا من خشيتها ثانيًا.

لكن الولايات المتحدة الأمريكية التي تتعامل مع الرعب بمواجهته تتعامل معنا في الشرق الأوسط بإغراقنا فيه. تزرع فينا الخوف كي تهددنا به، تتعامل بمهارة حقيقية، لجرنا لفخاخ نتورط فيها بكامل وعينا وإرادتنا، وليس ببعيد عن وعينا ما أوصلته الدبلوماسية الأمريكية إلى صدام حسين من موافقة الولايات المتحدة على غزو الكويت لتستطيع جر العراق بعد ذلك إلى ما سمي بحرب الخليج كي تجهز على أكبر قوة اقتصادية وعسكرية عربية في آسيا، وتنهي طموحات العراق في تهديد إسرائيل، بعد أن سبق ودمرت المفاعل النووي العراقي الذي بني بمساعدة فنية فرنسية وبعد أن تم اغتيال العالم المصري يحيى المشد الذي عمل بالمفاعل.

وباستخدام كذبة كبيرة هي وجود أسلحة كيماوية في العراق تم اجتياحه، وتدميره وحرق الأرض التي لن تعود إلى سابق عهدها إلا بعد مائة وخمسين عامًا على الأقل.

ما حدث في قصة خاشقجي كان بالعلم الكامل المسبق للولايات المتحدة التي لم تكتف بما حصل عليه ترامب من مليارات سعودية ومشاركة في مشاريع تدر عائدات ضخمة على الشركات الأمريكية فحسب، ولكن تغير من واقع التطبيع العربي مع إسرائيل. فقد أعلن الرجل ببساطة أن العرب لديهم البترول وأنه سيحصل عليه وتحولت السعودية بالنسبة لهم إلى البقرة التي تدر ذهبًا بدلاً من اللبن حين تخاف.

وكان عليهم أن يجعلوها تشعر طول الوقت بالخوف؛ الخوف على العرش الذي يحميه الأمريكان، الخوف من الجرائم ضد الإنسانية، الخوف من مخالفة القانون الدولي، أو الخوف من التهديد بالتقسيم كما يحدث في سوريا الآن. وكلها أعذار واهية للحصول على موافقة دوليه على توقيع عقوبات كما حدث في ليبيا ويحدث في إيران وفي كل منطقة الشرق الممتلئة بذهب البقرة الحلوب.

لا أحد يقبل أن تصفي السعودية معارضيها بهذه الطريقة الوحشية، ولا يقبل أن تصفي المخابرات في أي دولة المعارضين بالقتل، وربما يكون الفرق هو فارق المهارة والحرفية في تغطية العمليات القذرة.

ويبدو أن البقرة ستدر ذهبًا حين تخاف لفترة طويلة حتى تنزف دمًا وتنزف شعوبنا معها ثرواتها طالما كان هذا هو واقعنا المر.

----------------------------

بقلم: هالة البدري

مقالات اخرى للكاتب

من قتل نعيمة البزاز؟ مرثية عن كاتبة لم نعرفها جيدًا