18 - 09 - 2024

الرقص على دماء خاشقجى

الرقص على دماء خاشقجى

نقطة نور

صدم العالم المتحضر، كأنه لم يسمع من قبل عن سجن مفكر أو كاتب صحفى منذ أكثر من 70 عاما فى بلادنا العربية! ألم يقتل مارتن لوثر كينج وهو ينادى بالمساواة وسط أنصاره فى أمريكا بلد الحريات، الم يقتل الرئيس الرائع جون كيندى فى موكب إحتفالى وسط حراسه! الم يقتل شقيقه، ألم يقتل قاتله لتختفى الحقيقة! ألم تقتل ديانا! ولم نعرف من القاتل فى كل هذه الجرائم؟! 

لماذا الهستيريا الإعلامية! فجرت سيارة الصحفية المالطية دافنى كارونا جاليزيا لكشفها ملفات فساد تورط فيها كبار، عطل أردوغان الدستور واعتقل آلاف المواطنين وسيس القضاء! وأغلق صحفا وحبس صحفيين، ألم ترتكب أمريكا الفظائع في هيروشيما ونجازاكى وفيتنام والعراق وافغانستان ومن خلال دعم الصهيونية العالمية؟ ألم ترتكب الفظائع فى سجن أبو غريب تحت إشراف وتلذذ رئيسة المخابرات الأمريكية الحالية؟ 

هناك آلاف من ضحايا الديكتاتورية!هل تعرفون لماذا لم تهتم بهم أمريكا كثيرا! لأنه لا يوجد نفط ولا يورانيوم ولا ذهب فى بلادهم! أما دول الخليج والعراق وإيران، فالخطأ منهم ،آ  تنقلب له الدنيا! فترامب سيحلب البقرة حتى تجف، وأردوغان حول فيلم الرعب لمسلسل تركى لأعلى سعر! وتسقط كل يوم قطعة من الحقيقة فى لعبة التعرى! قطعة مع كل مكسب سياسى! 

أفرج عن القس برونسون فرفعت أمريكا عقوباتها وأطلقت يده فى محاربة الأكراد، وهل برونسون قس أم لص وجاسوس أمريكيا وأول من سرق ذهب العراق !؟

أعلن أردوغان يوم سبت أنهآ  سيعلن الحقيقة كاملة يوم ثلاثاء؟ فهل إعلان الحقيقة يتطلب برومو وتنويه مسبق وجرس إنذار؟ ثم لماذا لم يعلن شيئا! وما دخل الولايات المتحدة؟ فهى جريمة فى قنصلية السعودية على أرض تركية؟ هل لأنها الأب الروحى؟ أم للإبتزاز! وهل إستدرجت واشنطن الصحفى لتركيا؟آ  وكانت تعلم بمحاولة إختطافه أو قتله؟ فزعيم إيران صرح بأن (جريمة كهذه لا يمكن أن تتم دون مباركة أمريكية )!!

كوميديا سوداء تتبدى فى تضارب الروايات، وفى إستخدام التسريبات سلاحا للضغط والكشف! وفى لعبة ترامب وأردوغان! وفى نفاق أمريكا وفرنسا ودول أخرى فصلت بين المبادىء والدولارات، بين الصفقات وبين حقوق الإنسان! 

لماذا بدت قصة خاشقجى مريعة أكثر من أطفال اليمن مثلا، ربما لأنها تمت داخل قنصلية دبلوماسية ولشخصية دولية معروفة، ولأن التكنولوجيا والميديا لعبت دور البطولة فيها، فرأينا الصحفى يدخل ولمآ  نره يخرج (ثم كون الصحفى كان ذاهبا لإنهاء أوراق تخص زواجه أضفى على المأساة آ بعدا رومانسيا إنسانيا أكبر، والتصريحات الخاصة آ بتعذيبه وتقطيعه وتذويبه أعطت نفس أحاسيس النفور من جرائم داعش! وأحبطت الإنسانية، وطرحت أسئلة كثيرةعن التردى السياسى والأخلاقى والإنسانى والدينى لعالمنا المعاصر؟ 

مازال حديث الصفقات يجرى فوق مائدة تقبع أسفلها أشلاء الصحفى المغدور ودمائه، ومازالت رقصة الإستربتيز التركية تدور فوق دماء جمال خاشقجى، ومازالت الصراعات بين أوروبا وأمريكا على زعامة العالم الحر! عالم الحقوق والحريات والصفقات!

ومازال هناك تنازع على زعامة عالم إسلامى لا يطبق فيهآ  قول الرسول الكريم آ (كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه)،ولا (أن تهدم الكعبة حجرًا حجرًا، أهون عند الله من أن يراق دم امرئ مسلم"؟)

لا نحلم بعالم لا يقتل فيه الإنسان، ولكن بعالم لا يبرر فيه القتل، ولا يرتكب لأسباب تتعلق بالرأى والفكر والعقيدة، نحلم بعالم لا يفلت فيه المجرم من جريمته مهما 

علت مكانته، فلقد أهلكت أمم من قبلنا لأنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق الضعيف أقاموا عليه الحد!) العدل أساس الملك، فاستقيموا يرحمكم الله .
 -------------------

بقلم: طارق عبد الفتاح 

منشور في العدد الأسبوعي من المشهد (263)

مقالات اخرى للكاتب

نقطة نور| عذابات اليمانى السيزيفة النازفة