29 - 06 - 2024

قلب ميت

قلب ميت

وجهة نظري

"ده قلبه ميت" نطلقها على أحدهم كناية عن شجاعته، جرأته، تهوره، اندفاعه، ونطلقها على آخر تعبيرا عن قسوته، صلابته، خشونته، لا إنسانيته، ويستحقها ثالث دليلا على كسرته، وتمزقه، وضياعه.. يختلف أصحاب القلوب الميتة ومعها تختلف نظرتنا وتقييمنا لها.. ربما تبهرنا شجاعة أصحاب القلوب الميتة، إذا ماوظفت هذه الشجاعة لخدمة ضعيف أو دفاعا عن وطن أونجدة مظلوم أو التصدى لمتجبر طاغ.. يبهرنا إندفاعه غير محسوب العواقب.. نحبس أنفاسنا دهشة بينما نتابع صولاته وجولاته.. لاندرى سر تلك القوة التى تتلبسه، فتزيد من عزمه وتجعله لايخشى شيئا.. لايهمه سوط جلاد ولا انتقام حاكم ولا ضربة سياف.. يقف متحديا الجميع ضاربا عرض الحائط بكل تهديد ووعيد.. ساخرا من جبروتهم.. مستهينا بطغيانهم .. مستهزئا بكل مؤامراتهم.. كأنه يضع رقبته على كفه يقدمها برضا قربانا للدفاع عما يوقن أنه الصواب.. نغبطه على قلبه الميت، لكننا لانستطيع أن نتجاوز بسهولةآ  تلك الحالة من الخجل التى تسكننا، بينما نتابعآ  فى صمت جبان شجاعته فى مواجهة نهايته المأساوية.. تماما مثلما نتابع صاحب قلب ميت من نوع آخر.. طاغ.. متجبر.. قاس.. يذبح ويقتل ويطيح برقاب.. يشرد ويبيد ويفنى بدم بارد، قلبه لا يعرف الرحمة.. ليس فى قاموسه معنى للإنسانية..البشر كلهم فى نظره ماهم سوى دمى يحركها كيف يشاء..عرائس خشبية تأتمر بحركة من يده.. يقرب من يشاء، يبعد من يشاء .. يحرق، يحطم، ينعم أو يغدق على من يشاء وقتما يشاء.. لعبة مجنونة نتابعها وتحتبس أنفاسنا أيضا، لكنها هذه المرة خوفا، رعبا، ألما وخجلا.. يغلفنا ثانية الصمت بضعفه وعاره.. ندرك أننا مثله تحولنا لأصحاب قلوب ميتة.. لكنه موت جبان، عاجز، بلاحول ولا قوة.. يسكننا الخزى وإن كانت مرارته حتما ستدفعنا لإحياء قلوبنا، نبضا وقوة وشموخا وإنسانية.
 -------------------------

بقلم: هالة فؤاد


من العدد الأسبوعي للمشهد (263)

مقالات اخرى للكاتب

وجهة نظري | إنسانية اللا عرب





اعلان