26 - 06 - 2024

دير الأنبا صموئيل وشكرًا جوجل

دير الأنبا صموئيل وشكرًا جوجل

(مؤشرات)

رغم ما يتم قوله أن قتلة ضحايا حادث دير الأنبا صموئيل بالمنيا فشلوا في تحقيق أهدافهم بإفشال منتدى شباب العالم بشرم الشيخ، وفشل سحب البساط من تحت أقدام المنتدى، وتسليط الضوء على الحادث أكثر من المنتدى، وعلى الرغم من تصفية عدد من المتهمين في ارتكاب الحادث خلال أقل من48 ساعة، إلا أن القضية تكشف قصورا يحتاج إلى معالجة وسريعة.

وليس من المقبول أن نلقي بالمسؤولية على المشاركين في الرحلة إلى الدير، ونوجه لهم اللوم على تنظيم رحلات إلى الأديرة التي تقع – من وجهة نظر الأمن- في أماكن خطرة، فيما تتجاهل الجهات الرسمية أن نفس المكان شهد قبل عام وأشهر حادثا مماثلا، ولم يتعلم الأمن الدرس، حيث ظل الوضع على ما عليه، رغم أنه ويقينا أن تكرار الحادث يدل أن هذه المنطقة بها ذيول للإرهابيين.

ويبدو أنه بعد حادث العام الماضي، وبعد أن هدأت الأوضاع، نسى الأمن خطورة المنطقة، والتي يبدو أنه بها إرهابيين وهناك خطورة على الزائرين للدير لذلك تم منع زيارة الدير حتى تنتهى الخطورة ورصف الطريق وتقوية شبكة المحمول، بينما الدليل على أن منطقة الدير هي بمثابة مأوى للإرهابيين، هو أن من تم تصفيتهم في الساعات التالية للحادث وممن هم متهمون في الجريمة، كانو يعيشون في النطاق الجغرافي للدير، حتى وإن كانوا على بعد عشرات الكيلومترات.

ولابد من دراسة ملابسات الجريمة التي وقعت بحق ضحايا على يد إرهابيين، ولأسباب وراءها حالة من الإهمال، فما حدث في جريمة مقتل وإصابة مواطنين فيآ  دير الأنبا صموئيل بالمنيا، يعكس قصورا أمنيا لا يمكن أن نتجادل حوله، نظرا لأن المكان نفسه شهد جريمة مماثلة، وتكاد تكون بنفس الطريقة، كما تشير المعلومات وشهادت الزوار للدير أن الطريق المؤدي إلى الدير ليس به كمائن أمنيةعلى امتداد الصحراء.

إن ما حدث من إهمال في توفير سبل الحماية على طول الطريق للدير، كان يستحق أن يستقيل وزير الداخلية، أو على الأقل إقالة مدير الأمن ومحاسبته على عدم وضع خطط تحمي المستخدمين للطرق التي تقع في قلب الصحراء ويستخدمها سكان وزوار المنطقة من أبناء هذا الشعب، ولا يختلف الأمر هنا بين مسلم أو مسيحي.

والغريب أن أسلوب الحكومة في معالجة قضايا أبناء الوطن ما زال يقتصر على القشور، وليس علاج الأصل، خصوصا في مسائلآ  الهجمات الارهابية التي تستهدف الأقباط، فالدولة والأجهزة الأمنية تهتم بالناس عند القتل، إلا أن محاربة الفكر مازالت غائبة، والحوار بشأن الخطاب الديني ما زال حبرًا على ورق، وهو الذي يحتاج إلى تعاون واسع واشمل بين مختلف مؤسسات الدولة المصرية من تعليم وثقافة ومؤسسات دينية وفكرية، ومجتمع مدني.

ما ساءني هو البطء في المعالجة الإعلامية، ونلوم أنفسنا جميعا في هذا الشأن، وكأننا ننتظر من يوجه بآلية وأسلوب الخطاب الإعلامي في مثل هذه القضايا، بينما ندرك جميعا أننا نعيش عالما عبارة عن قرية واحدة، ووسط سموات مفتوحة أمام الفضاء المعلوماتي الأوسع.

ربما اعتراف محافظ المنيا بوجود قصور شديد فى رصف الطريق المؤدي إلى الدير، يشفي بعضا من آلام جراح القلوب الدامية، إلا أن الواقع على الأرض في الأيام المقلبة، ليس في المنطقة التي وقع بها الحادث فقط بل في العديد من مواقع ربوع البلاد هو ما يعالج الحزن على دماء الناس.

فقبل أيام روى لي زميلنا الصحفي كمال فؤاد، واقعة محاولة خطف سيارته على طريق القاهرة – الفيوم، وخروج 3 مجرمين عليه، لإختطاف مفتاح مركبته عند توقفه أمام أحد أكشاك البيع على الطريق، ودخل معركة تشبث فيها بمفتاح سيارته، وهو ما انتهى إلى قطع طولي في يديه، وكدمات، وفرار الجناة بعدما فشلوا في جريمتهم.

وسألته اين الأمن والسيارات المتحركة، أجابني "انسى .. لست أول أو آخر من يتعرض لمثل هذه الحادث".

أعتقد أن الأمر بحاجة لوقفة جادة وصحيحة.

وسط كل هذا وحالة الصمت واختفاء المسؤولين في حادث دير الأنباء صموئيل، خرج علينا محرك البحث الشهير جوجل معلنا تضامنه مع ضحايا الحادث الإرهابى فى محافظة المنيا،آ ووضع شارة الحداد السوداء على صفحته الرئيسية يوم الحادث... شكرا جوجل.
 ------------------------

بقلم: محمود الحضري 


منشور في الععد (263) من المشهد الأسبوعي

مقالات اخرى للكاتب

مؤشرات | استثمار زراعي .. ولا مكان لصغار الفلاحين





اعلان