27 - 09 - 2024

فاطمة وماريا وأسيل، إتعصروا مع بعض كوكتيل

فاطمة وماريا وأسيل، إتعصروا مع بعض كوكتيل

تعا اشرب شاي

عاش الحاج عبد الله حياة صعبة كى يستطيع أن يعلم بناته الثلاثة ويزوجهن، كانت الكبرى "فاطمة" هى أول من تزوجت ولكنها للأسف لم تف بوعدها لأبيها وتستكمل تعليمها، فتركت الدراسة وسافرت مع زوجها إلى إحدى بلاد الشرق الأقصى، ولحقت بها أختها "ماريا" التى سافرت هى الأخرى إلى حيث يعمل زوجها فى أحد بلدان الإتحاد السوفيتى - سابقا - دون أن تستكمل دراستها هي الأخرى، كما كان يريد الأب.

لذلك فقد قرر الأب ألا يوافق على إرتباط إبنته الصغرى "أسيل" قبل أن تنتهى من تعليمها الجامعى.

بالكاد أتمت الإبنة دراستها فقد كانت لا تحب الدراسة ولولا أن أرغمها أبوها ما كانت لتتعلم، ثم تزوجت هي الأخرى بمجرد أن تخرجت من الجامعة.

قبل أن يموت الأب اكتشف أن له إرثا ضخما، من جد له من بعيد، لم يكن يعلم عنه شيئا، فترك لبناته ثروة لم تكن تخطر لهن على بال.

كانت للأسرة جارة ميسورة الحال إسمها "أنيسة" يتجنب جميع الجيران أذاها ويطلقون عليها إسم "أنيسة الخبيثة"، فى حين وجد فيها البنات الأم الرؤوم والصديقة المخلصة، يقصدن بيتها كلما واجهتهن أية مشكلة وينادونها "ماما أنيسة" بناء على رغبتها، ومن جهتها كانت ترحب كثيرا بزيارتهن ولا تمل من سماع المشاكل التى لم تنقطع بينهن منذ وفاة الحاج عبد الله، كانت لقاءاتهن قصيرة ومحدودة، يتجمعن فى بيت الوالد كلما لحقت مصيبة بإحداهن، فلا تجد من أختيها إلا "مصمصة" الشفاه والإحساس بالتشفى غير المعلن، وغالبا ما تغادر كل منهن بعد أن يصير "معلنا".

آ وبالطبع كانت تذهب كل واحدة منهن على حدة إلى "ماما" أنيسة، فتجد الحنان والمساندة الكاملة لموقفها ضد الأختين الأخريتين.

فى هذه المرة تصادف وجود الثلاث بنات لفترة طويلة نسبيا، فقد لبت كل منهن دعوة كريمة من السيدة أنيسة لحضور حفل زفاف ابنتها، ولكن لم تكن إحداهن تعلم أن أختيها مدعوتان أيضا، و قد حرصت كل منهن على البقاء فى منزل الوالد قبل موعد الزفاف بوقت كاف كى تكون إلى جوار السيدة التى طالما غمرتها بالعطف والمساندة، فتستطيع رد جميلها وكسب ودها. 

كانت فاطمة تتهم ماريا بأنها صارت إرهابية بعد أن إرتدت النقاب، بينما ماريا كانت ترى أن فاطمة قد افتتنت بالمذهب الشيعى، أما أسيل فقد كانت لا تهتم بالشأن الدينى ولا بأختيها معا، لذلك فقد اتهمتها الإثنتان بالزندقة والانحلال.

فى ذلك اليوم اجتمعت البنات الثلاثة فى منزل الوالد. كانت كل واحدة تمسك بهاتفها المحمول ولا تدرى شيئا عما حولها، وعلى ما يبدو أن فاطمة شاهدت شيئا ما فى الهاتف أثار ذعرها فصرخت قائلة: أدركنا يا حسين.

ماريا بغضب: ياريت تلحقيه إنتى وتروحيله.

فاطمة بفخر: ومين يكره يدرك سيد شباب الجنة!! خليكى إنتى مع سيد شباب بنى لادن.

ماريا موجهة كلامها إلى أسيل وقد مسها الجنون: ميت مرة أقولك إعدلى فردة الشبشب المقلوب.

أسيل التى بدا أنها لم تسمع شيئا من الحوار تضع سماعات الهاتف التى كانت فى أذنيها جانبا ثم تقول متسائلة: تفتكروا الهضبة حيرجع لمراته ولا حيتجوز دينا؟

فاطمة بدهشة: هى الهضبة بتتجوز! ودى حتخلف إيه، تلال صغيرة؟

أسيل موضحة: الهضبة دا مطرب و.........

ماريا مقاطعة وهى تكاد تلطم: إحنا فى إيه ولا إيه يارايقة! أختك بقت شيعية، ثم تنظر إلى الأرض وتصرخ: إنتى لسه ما عدلتيش فردة الشبشب!!

فاطمة بإحتقار: مانتى صليتى إمبارح بعد ما قتلتى الناموسة على إيدك و أكيد سابت مطرحها نقطة دم ومع ذلك إكتفيتى بمسحها ولا هان عليكى تعيدى الوضوء!! فعلا بقيتوا من الذين يأمرون الناس بالبر وينسون انفسهم ... و فى الآخر عاملة نفسك مؤمنة!

ماريا بقرف : انا مؤمنة أكتر منك يا رافضية .

فاطمة موجهة كلامها الى أسيل بغضب: عاجبك اللى بتقوله الكافرة دى؟ تفتكرى حد مسلم ممكن يرفض التعلق بآل البيت وينجو!! 

أسيل بلا مبالاة : مالكيش دعوة بيها ، هى حرة "آز شى لايك"

تتنهد ماريا بإرتياح ثم تقول لأختها بلهجة أخف من السابقة: برضه ما عدلتيش فردة الشبشب، ثم تنظر إلى فاطمة بغل قائلة: سبحان الله أختنا "السافرة" عندها علم دينى وإنتى لا دين لك.

تنظر فاطمة إلى أسيل بلوم، فتقول الأخيرة موجهة كلامها إلى ماريا : وإنتى كمان مالكيش دعوة بيها، كل واحد حر "إتس فرى".

الإثنتان فى نفس واحد: زنديقة ، سافرة.

آ أسيل بغيظ وقد بدا أنها لا تعلم معنى الكلمة: أهو إنتو اللى سفلة، ثم تنظر إلى صورة أبيها المعلقة بحزن وتصرخ: فينك يا بابى تيجى تشوف إخواتى بيقولوا عنى إيه، بدل ما يخدونى فى حضنهم، مفيش أى "فيلنجز" خالص !! ربنا يرحمك ياحبيبى.

فاطمة بتأثر: ليته أدرك الحق و كفر بحكم أبو بكر وعمر.

أسيل بإستنكار: انتى بتقولى إيه يا ست الحاجة؟ إذا كان سيدنا على نفسه آمن بحكمهم، مش كانوا "فريندز" مع بعض ولا إيه ؟، طب ليه هو معاداش حد منهم عشان أخدوا منه "الرئاسة"؟ ولا كان مستنى سعاتك عشان تدافعى عنه! وبعدين ما فهمتش معلش إيه وضع أبوكى دلوقت يعنى؟

ماريا بإمتنان : لله درك يا أختاه ، إعدلى بقى فردة الشبشب.

فاطمة بحزن: أبوكى ركن إلى الظالمين وآمن بحكم معاوية وأقره ، للأسف هو فى النار .

تصرخ ماريا بجنون: بل أنتى وأمثالك كلاب أهل النار.

فاطمة تستعر غضبا وتصب جام غضبها على أختيها معا، ثم تدخل الأخوات الثلاثة فى معركة حامية الوطيس تتطور لإستخدام الأيدى، فتترك على أثرها أسيل البيت للأختين بعد أن اتهمتهما معا بالتخلف العقلى، ذاهبة رأسا إلى ملاذها الآمن - منزل ماما أنيسة - ولسان حالها يقول: اياكش يولعوا الإتنين.

ربتت السيدة أنيسة على كتفها بحنان وأقنعتها ببيع نصيبها من البيت وسائر الممتلكات للتخلص من إزعاج الإثنتين إلى الأبد.

آ طلبت منها أن تذهب وتترك الأمر لها بعد أن توثق لها توكيلا عاما بإسمها فى الشهر العقاري، مسحت أسيل دموعها وقبلت رأس السيدة وهى ممتنة، وما لبثت أن ذهبت فى اليوم التالى مباشرة لتحرير التوكيل وتحرير نفسها من رق عبودية أختيها.

مر قرابة الأسبوع والثلاثة لا تتحدث إحداهن مع الأخرى، وكلما خرجت واحدة من حجرتها وقابلت أختها عادت كل منهما من حيث أتت.

وفجأة سمعت البنات الثلاثة من حجراتهن صوت ضجيج و تكسير شديد.

إستبقن الباب فوجدن السيدة أنيسة مع حشد من "البلطجية" فى وسط البيت وقد أحدثوا فوضى عارمة فى المكان، وقبل أن تبدى إحداهن الدهشة، قالت السيدة ببجاحة تحسد عليها لمن حولها من رجال: فتشوهم كويس قبل ما يمشوا، كل حاجة هنا ملكى أنا.

أدركت أسيل مدى الحماقة التى ارتكبتها، فوضعت رأسها فى الأرض خجلا من أختيها.. ابتسمت السيدة أنيسة مشجعة وهى تقول لها: ما تتكسفيش أوى كده، إخواتك سبقوكى وعملولى توكيلات، تفتكرى حادخل إزاى من غير موافقتهم هما كمان! ثم هزت رأسها بإمتعاض قائلة: أغبيا، يلا غوروا من هنا إنتو مش وش نعمة أساسا.

حاولت البنات إستجداء السيدة والبقاء ولو على سبيل الإستضافة، فأبت و بدأت معركة غير متكافئة بينهن وبينها، تدحرجت الأختان الكبيرتان على السلم وهما تتحسبنان عليها، بينما صاحت أسيل وهى تتفادى شلوتا منها : حتخشى النار يا منيلة.

آ السيدة بلا مبالاة : جمعا إن شاء الله.

بينما تصيح ماريا من الخارج: عاجبك كدة؟ قلتلك إعدلى فردة الشبشب ، ما سمعتيش كلامى .
 ------------------

بقلم: أماني قاسم

مقالات اخرى للكاتب

جاء فى مستوى الطالب الضعيف