18 - 08 - 2024

مشروع لائحة جزاءات ـ"الأعلى للإعلام" تثير التشاؤم رغم التبرؤ منها

مشروع لائحة جزاءات ـ

يحيى قلاش يتساءل: هل المهنة التي تم إعدامها بالتشريع يمكن أن تخشي عليها من الموت باللوائح!
حمدي الكنيسي: اللائحة تحتوي على تناقض وتعارض كبير مع الاختصاصات النقابية

تسببت لائحة جزاءات المجلس الأعلى للإعلام على المخالفات الإعلامية في حالة من الجدل بين الأوساط الصحفية والإعلامية، بعدما تضمنت عقوبات تبدأ بالحجب وتصل إلى غرامات نصف مليون جنيه على المخالفين، إضافة لبعض الوصايا الخاصة بالتعامل مع المصادر ونقل المعلومات من أصحابها ومنابعها الأصلية.

ورغم أن عبدالفتاح الجبالي، وكيل أول مجلس تنظيم الإعلام، أكد أن المجلس لم يصدر اللائحة حتى الآن، وأن ما تناولته وسائل الإعلام مجرد اقتراح من لجنة الشكاوى بالمجلس، تناول صحفيون عدة المواد الواردة باللائحة المتداولة بالنقد، بعدما اعتبروا أنها لن تختلف كثيرا عن اللائحة النهائية المستقبلية.

وتضم اللائحة المتداولة 30 مادة للعقوبات والجزاءات للمخالفات الإعلامية، تبدأ بإنذارات وغرامات مخففة، وتصل إلى الحجب النهائي للموقع أو الصحيفة وإيقاف البرامج التلفزيونية، حال تكرار المخالفات لأكثر من مرة، أو "لاعتبارات تقتضيها المصلحة الوطنية أو للحفاظ على مقتضيات الأمن القومي"، وفقا للمادة 19 منها، كما تجيز للمجلس الأعلى "مضاعفة الجزاء حال تكرار نفس المخالفة لمرتين متتاليتين، أو حال امتنعت الوسيلة عن تنفيذ القرارات الصادرة بتوقيع الجزاء".

أول المعارضين للائحة الجديدة هو الإعلامي حمدي الكنيسي، نقيب الإعلاميين، الذي أصدر بيانا أكد مخالفة بنود اللائحة لقانون النقابة وقانون الإعلام الموحد، ومعلنًا رفض نقابته لبعض مواد لائحة الجزاءات التي أعدتها لجنة الشكاوى بالمجلس، والتي وصفها بأنها تحتوي على تناقض وتعارض كبير مع اختصاصات النقابة ودورها المنصوص عليه في القانون 93 لسنة 2016 والقانون 180 لسنة 2018 لتنظيم الصحافة والإعلام والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، على حد قوله.

وأكد الكنيسي، أن التعارض يتضح في المادة الأولى من اللائحة التي نصت على عقوبة منع الصحفي أو الإعلامي من الكتابة، أو الظهور في أي وسيلة لفترة محددة، ما اعتبره تعديا وتدخلا في اختصاصات النقابات المهنية وأيضًا تضاربًا مع فقرة الإحالة للنقابات المختصة.

وتابع: "القانون 180 لسنة 2018 لتنظيم الصحافة والإعلام والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مادته 94، والتي نصت على "إخطار النقابة المختصة لاتخاذ الإجراءات اللازمة في المخالفات التي تقع من أحد أعضائها، بمناسبة توقيع المجلس أحد الجزاءات على إحدى الجهات الخاضعة للمجلس الأعلى، وتلتزم النقابة المعنية باتخاذ الإجراءات التأديبية في مواجهة الشخص المسؤول عن المخالفة وفقًا لقانونها"، أي أن القانون أعطى حق معاقبة وتأديب الصحفي أو الإعلامي لنقابته المختصة، بعد اتخاذ الإجراءات القانونية مع ضمان جميع حقوقه القانونية المنصوص عليها بقانون نقابته.

ولفت الكاتب الصحفي محمد بصل، رئيس القسم القضائي بجريدة "الشروق" إلى أن نصوص لائحة الجزاءات تشدد على ضرورة عدم نشر أي أخبار أو معلومات إلا بعد الرجوع لمصادرها الأصلية، موضحًا: "مثلا ماننشرش شغل من واشنطن بوست عن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلا أما نرجع لترامب نفسه.. ولا نتعامل مع معلومة متواترة من مصادر عدة على منصات مختلفة عن الصحفي جمال خاشقجي إلا بعد العودة إليه أيضا".

أما نقيب الصحفيين السابق الكاتب يحيى قلاش، فوصف لائحة جزاءات الأعلى للإعلام بأنها "اغتصاب تشريعي وجريمة دستورية متكاملة الأركان"، متسائلا عبر حسابه على "فيسبوك": "لكن هل المهنة التي تم إعدامها بالتشريع يمكن أن تخشي عليها من الموت باللوائح!".

وتُعامل اللائحة، الحسابات والصفحات عبر مواقع السوشيال ميديا معاملة المواقع الإلكترونية، حيث تنص في مادتها الثالثة على "معاقبة كل من نشر أو بث شائعات، أو أخبارا مجهولة المصدر، أو نقل عن مصادر إعلامية أخرى، أو استخدم السوشيال ميديا كمصدر للمعلومات دون التحقق من صحتها من مصادرها الأصلية، أو حال عدم احترام الرأى الآخر"، بعقوبات تبدأ بلفت النظر، وتصل إلى غرامة نصف مليون جنيه، عندما يتسبب ما تم نشره في حدوث أضرار اقتصادية أو اجتماعية أو أمنية.

وتعليقًا على تلك المواد، قال الكاتب الصحفي محمد سعد عبد الحفيظ، عضو مجلس نقابة الصحفيين، إن مقترح اللائحة يمنع الصحفيين من الاشتباك مع الأحداث الاجتماعية الثقافية والرياضية، رغم أن الأصل في المهنة الاشتباك، مضيفا: "بنود هذا المقترح تخطط لإسكات صوت الصحافة وإغلاق الصحف وتشريد المئات من الصحفيين، وبموجبها رؤساء مجالس الإدارات، سيجدون أنفسهم مضطرين لدفع ملايين الجنيهات جراء الغرامات التي تفرضها اللائحة"، مطالبا بإشراك مجلس النقابة في أي شيء ذو صلة بالصحافة والصحفيين، ويمس مستقبل المهنة.
-------------------
تقرير: محمد سعد خسكية