30 - 06 - 2024

حسام محرم مستشار وزير البيئة السابق: مافيا الفساد تحاول شطب وزارة البيئة لنهب كنوز مصر(حوار)

 حسام محرم مستشار وزير البيئة السابق: مافيا الفساد تحاول شطب وزارة البيئة لنهب كنوز مصر(حوار)

مخطط لإضعاف الوزارة لتعارض سياساتها مع مصالح مراكز القوى  ومافيا الفساد

- لمنع تلوث النيل يجب استكمال البنية الاساسية للصرف 

- مصر تنتج 22 مليون طن مخلفات صلبة سنويا.. ولا تستفيد منها والدولة غير مؤهلة للقيام بعملية التدوير

أكد المهندس حسام محرم، مستشار وزير البيئة السابق، أن هناك مخطط لإضعاف وكسر وزارة البيئة حتي لا تكون قادرة علي إنفاذ سياسات في ملفات الفحم والمحميات الطبيعية وماتتضمنه من أراضي وكنوز، وإلغاؤها إن أمكن لتتحول البيئة المصرية بكنوزها وثرواتها ومقدراتها إلي مائدة يجتمع عليها اللئام من الداخل والخارج، وملعبا لمافيا الفساد، لافتا الى أن وزراة البيئة نشأت فى مصر متأخراً عام1999، ومهمتها تحليل مؤشرات الحالة البيئية وتحديد التحديات الرئيسية والإحتياجات وأولوياتها.

وتحدث محرم خلال حواره مع "المشهد" عن كيفية تحقيق التنمية المستدامة فى مصر، بالاضافة الى كمية المخلفات الصلبة التى تنتجها مصر والتى تقدر بحوالي 22 مليون طن سنوياُ، ولا تستفيد منها الدولة ، والى نص  الحوار.

* ما هي الوظيفة الاساسية لوزارة البيئة في المجتمع؟

تضطلع وزارة البيئة بدور الكيان الوطني المركزي المسئول عن قيادة كافة الجهود الوطنية في مجال حماية البيئة بالتعاون مع كافة شركاء العمل البيئي علي المستوي الوطني نظراُ لما يتسم به ملف حماية البيئة من إتساع يجعله ملفاً ذا طبيعة عابرة للقطاعات، وهي سمة تميزه في جميع الدول مقارنة بمعظم ملفات العمل الوطني الأخري. لذلك فإن طبيعة التنظيم البيئي في الدول المتقدمة بيئياً، يتسم بوجود كيان مركزي يتبع أعلي سلطة تنفيذية في تلك الدولة، وهو نمط الحوكمة البيئية السائد في معظم دول العالم. وفي أمريكا علي سبيل المثال، توجد وكالة مركزية لحماية البيئة EPA. 

وتتولي وزارة البيئة في مصر بصياغة ما يسمي "الخطة الوطنية للعمل البيئي NEAP" بالتعاون مع كافة شركاء العمل الوطني. ويفترض أن تكون هذه الخطة المرجعية الأولي والدستور الرئيسي لكافة الجهود البيئية، إلا أن ضعف المركز التفاوضي لصناع القرار البيئية يجعل مراكز القوى الإقتصادية والإدارية تتجاوز مقررات تلك الخطة بما يجعل الواقع البيئي يتجاوز روح الخطة أو يتجاوز بعض بنودها. 

وفي إطار عملية التخطيط البيئي، فإن صناع القرار يعملون علي تحليل مؤشرات الحالة البيئية وتحديد التحديات الرئيسية والإحتياجات وأولوياتها، ومن ثم تحديد الإستراتيجيات والخطط والبرامج والمشروعات الواجب تنفيذها لمواجهتها، وتلبية أولويات الإحتياجات البيئية. 

كما أن لوزارة البيئة العديد من الوظائف الأخري المنصوص عليها في قانون البيئة، بعضها ذو طابع تنظيمي وبعضها ذو طابع تنفيذي أو رقابي أو توعوي.

*ماذا تقدم وزارة البيئة المصرية مقارنة بمثيلاتها في دول العالم؟

وزارة البيئة في مصر نشأت متأخراُ، حيث تم تعيين أول وزيرة دولة لشئون البيئة في عام 1999 مع تولي د. نادية مكرم عبيد، حيث كان الكيان البيئي الرسمي محدوداً بالمعايير المؤسسية، وكان يقتصر علي عدد محدود من العاملين بجهاز شئون البيئة الناشئ. وكان من المفترض أن يكون ذلك نقطة إنطلاق نحو بناء منظومة رسمية للعمل البيئي تضاهي مثيلاتها في العالم خاصة في ظل تدفق المعونات المالية والفنية بكثافة في ذلك التوقيت، إلا أن الأداء الجريء الطموح لأول وزيرة كان سبباً في تكالب بعض مراكز القوي السياسية والإقتصادية عليها في ذلك التوقيت بدوافع مختلفة أدت إلي الإطاحة بها، فكانت أول واقعة تاريخية تنكسر فيها إرادة صانع القرار البيئي في مواجهة مراكز القوي. 

ومنذ ذلك التوقيت ووزارة البيئة في تراجع مستمر، بمعدلات متفاوتة حسب شخصية كل وزير علي حدة وطبيعة معاونيه وبطانته، إلا أن الإتجاه العام هو الضعف النسبي الذي أتصور أنه يعود إلي إنكسار الوزارة بإنكسار إرادة أول وزيرة في ملف السحابة السوداء. ثم ترسخ هذا الإنكسار في واقعة تاريخية أخري في عهد الوزيرة د. ليلي إسكندر التي كانت ضد تمرير ملف الفحم، إلا أنه وللمرة الثانية تنكسر إرادة صانع القرار البيئي ويتم تمريره لاحقاُ في عهد الوزير السابق د. خالد فهمي في ملابسات غير واضحة.

وبوجه عام فإن تقييم الأداء البيئي الرسمي في أي دولة يتم ضمنياً من خلال قياس مؤشرات الحالة البيئية في تلك الدولة عبر مجموعة من المؤشرات المتعارف عليها عالمياُ، وفي مقدمتها مؤشرات نوعية البيئة. ويتم سنوياً إصدار تقرير للحالة البيئية يتضمن نتائج قياس تلك المؤشرات. ولا جدال في أنه توجد حالة من عدم الرضا العام بالأداء البيئي من جانب المواطن المصري. بالاضافة إلى غياب التوازن بين جماعات الضغط الإقتصادي وبين جماعات الضغط البيئي، مما يجعل تعزيز دور "شركاء العمل البيئي" عاملا مهما في مساندة الأطراف الحريصة علي المصالح البيئية في مصر سواء كانت تلك الأطراف مؤسسات رسمية أو مجتمعا مدنيا بيئيا أو نشطاء بيئيين أو خبراء أكاديميين معنيين. كما ينبغي أن يهتم البرلمان بتطوير دوره في التصدي لقضايا الشأن البيئي المصري خاصة في ظل ضعف الموقف التفاوضي لصانع القرار البيئي في مواجهة مراكز القوي الإقتصادية والإدارية، فضلاُ عن الممارسات اليومية التي يظهر فيها ضعف الكيان البيئي الرسمي في مواجهة مراكز القوي وجماعات المصالح. ولن تتمكن وزارة البيئة من حماية البيئة إلا بعد أن تحصل علي الدعم السياسي بما يتناسب مع حجم ضغوط مراكز القوي الإقتصادية وجماعات المصالح بتصنيفاتها المختلفة.

* هل تعتقد أن بإمكان مصر والدول النامية تحقيق تنمية مستدامة من واقع المعطيات الراهنة؟

تستطيع مصر بالتأكيد تحقيق تنمية مستدامة بشرط تحقيق شروط ومتطلبات تلك التنمية من موازنة بين الإعتبارات البيئية والإعتبارات الإقتصادية، وقبل ذلك لا بد من بناء اقتصاد يقوم علي مبدأ الإستقلال الإقتصادي غير تابع لأي قوى دولية أو مؤسسات أممية، والتي يهدف بعضها إلي إبقاء الدول النامية ضعيفة ومنهوبة ومعتمدة في غذائها ودوائها وسلاحها علي تلك القوى المهيمنة على العالم.

كما تتطلب تلك التنمية المستدامة مناخا سياسيا وإداريا كفيلا بحماية مصالح ومقدرات البلاد وحماية ثرواتها من النهب المنظم والعشوائي سواء من جانب عصابات ومافيات أغلبها دولية بأذرع محلية، وفي مقدمتها ثروات المحميات الطبيعية التي تمثل 15 % من مساحة مصر، وهي تمثل جزءا مهما في أرض مصر من حيث ماتحويه من كنوز.

كما ينبغي إبعاد بعض القادة التاريخيين بقطاع المحميات الذين يفترض أنهم أحيلوا للمعاش، ولكنهم مازالوا فاعلين في الخفاء، لا بد من تجديد الدماء لتجنب نشوء مراكز قوي بسبب الركود. وحماية الشرفاء بقطاع المحميات وتمكينهم من اداء دورهم في التصدي لها.

* ما تقييمك للوضع الراهن لصندوق حماية البيئة كأحد أهم مصادر تمويل المشروعات والإستثمارات البيئية؟

صندوق حماية البيئة له دور هام في تعبئة الموارد المالية اللازمة لتمويل المشروعات البيئية اللازمة لمواجهة التحديات الهامة خاصة في مجالات الإستثمار البيئي التي لا يهتم القطاع الخاص بالإقتراب منها. 

تحقيقاً لهذا الهدف يقوم صندوق حماية البيئة بتوفير الدعم المالى للمشروعات ذات المردود البيئى الملموس، كما يعمل علي تحفيز المشاركة بين المؤسسات المالية وبين الفئات الأخرى مثل القطاع الخاص والمنظمات غير الحكومية والقطاع العام والحكومى وذلك لدفع الاستثمار فى المجالات البيئة إلى الأمام.

وهناك معلومات غير مؤكدة، تتردد عن إستنزاف متعمد لصندوق حماية البيئة خلال السنوات الأخيرة قبل تولي الوزيرة الحالية، لتحقيق واحد أو أكثر من الأهداف بحسب نوايا الفاعلين. ويأتي ذلك في إطار مخطط تم خلال السنوات الماضية لإضعاف وزارة البيئة بوجه عام حتي لا تكون قادرة علي إنفاذ أي سياسات بيئية تتعارض مع مصالح مراكز القوى وجماعات المصالح خاصة في الملفات الرئيسية مثل ملف الفحم والمحميات الطبيعية وماتتضمنه من اراضي وكنوز، وربما في ملف المخلفات الصلبة وملفات أخري. وقد تكون هناك أهداف أخري من بينها هدف التضييق المالي علي العاملين بالوزارة، ربما لإفسادهم أو إنهاكهم ومن ثم شغلهم عن حجم المصالح الكبري التي تعج بها الملفات البيئية الهامة وفي مقدمتها المحميات الطبيعية والفحم وأشياء أخري، أو قد يكون الهدف هو الإفشال المسبق للوزراء والقيادات الجديدة والمستقبلية.

* ماهو تقييمك لمنظومة إدارة المخلفات في مصر، وما هو حجم القمامة سنويا وكيف تستفيد منها الحكومة؟

تبلغ كمية المخلفات الصلبة البلدية حوالي 22 مليون طن سنوياُ، بمعدل يومي نصف كيلو للفرد الواحد، يتم إعادة تدوير نسبة منها لاتتعدي 12 %، حسب بعض التقديرات، بينما يكون مصير باقي المخلفات الحرق أو الدفن سواء بطريقة سليمة بالمعايير البيئية أوالقانونية. 

وتعد مشكلة المخلفات الصلبة من المشكلات البيئية التي تؤرق المصريين منذ عقود طويلة، حيث تعاني منها كثير من المجتمعات العمرانية والأحياء السكنية بكل مستوياتها علي تنوع مستواها المعيشي بدرجات متفاوتة، والتي قد تصل في بعض الحالات إلي وجود تلال من تراكمات المخلفات الصلبة خاصة في الأحياء الفقيرة. ولمشكلة المخلفات أبعاد متعددة تقتضي العمل علي عدة محاور للوصول إلي حل ناجح. وأول تلك المحاور هو المحور المؤسسي والتنظيمي، حيث بدأت الدولة بالفعل في التعامل مع تلك المشكلة من خلال تأسيس جهاز مركزي جديد مختص بالإدارة المتكاملة لملف المخلفات، حيث مايزال هذا الجهاز في طور التأسيس وإستكمال هيكله التنظيمي. ومن المنتظر أن يضطلع بدور الكيان المسئول عن تنظيم مرافق إدارة المخلفات الصلبة والخطرة بأنواعها، بمعني أن يتولي مهمة وضع القواعد العامة للجوانب الفنية والقانونية والتعاقدية والإستثمارية والفنية التي تحكم مرافق وخدمات إدارة المخلفات الصلبة دون أن يكون الجهاز أو الدولة عموماُ طرفاُ في تقديم تلك الخدمات، بل يتولي الجهاز تنظيم العلاقة بين مقدمي الخدمات Service Provider وبين المستهلكين، مع الإضطلاع بمهمة حماية المستهلك، وهي الوظائف والجوانب التي كان يفتقر إليها هذا القطاع في ظل تواجد الدولة كطرف في تقديم تلك الخدمات مع العشوائية التي كانت تسود ذلك القطاع. ويعد هذا النموذج المؤسسي هو الإتجاه الحديث السائد في مجال إدارة المرافق والخدمات العامة بما يحقق الكفاءة والمرونة في الإدارة. 

والمحور الثاني هو محور توفير التمويل اللازم للإستثمارات ولمشروعات البنية الأساسية ومرافق إدارة المخلفات الصلبة والخطرة متضمنة مرافق الجمع والنقل والفرز وإعادة التدوير وإسترجاع الطاقة أوالتخلص النهائي في خلايا الدفن في المقالب العمومية المصممة علي أسس هندسية وبيئية سليمة. ويحتاج هذا المرفق إستثمارات ضخمة لا يمكن للدولة أن توفرها بمفردها، ولا بديل عن تبني الآليات الحديثة في تمويل الإستثمارات العامة .

كما يجب النظر في مدي الإحتياج لإشراك شركات عالمية علي الأقل في بداية التجربة للإستفادة من خبراتها في مجال تخطيط وتصميم وإنشاء وإدارة هذه المرافق بما لديها من معرفة فنية متكاملة لا غنى عنها لنقل الخبرات إلي الشركات الوطنية ومن ثم الإعتماد تدريجياً على الشركات المصرية بعد رسوخ أقدامها. وأرى أن دخول القطاع الخاص المصري أو الأجنبي سيخفف العبء علي الدولة في مجال تمويل تلك الإستثمارات البيئية، فضلاً عن أنه سيحقق قدرا أكبر من المرونة والكفاءة في إدارة هذا المرفق خاصة إذا كانت القواعد التنظيمية التي يضعها جهاز المخلفات الذي أقترح تعديل مسماه إلي "جهاز تنظيم مرافق إدارة المخلفات" حتى يكون المسمي معبراُ عن طبيعة رسالة ودور هذا الجهاز.

*هل المنظومة الجديدة ستقضي على المشاكل التى عانت منها الاحياء والمحافظات خلال السنوات الماضية؟

الهيكلة المقترحة للمنظومة الجديدة لإدارة المخلفات الصلبة تواكب المفاهيم العصرية لإدارة مرافق الخدمات العامة، حيث تم الفصل بين وظيفة تنظيم المرفق وبين وظيفة تقديم الخدمة، وهو ماكان ينقص المنظومة القديمة، ويعد ذلك إمتدادا للإتجاه المتنامي ببطء في مصر في العقود الأخيرة في قطاعات خدمية أخري علي غرار مرافق الإتصالات ومرفق مياه الشرب والصرف الصحي والتي سبقت في هذا الاتجاه، حيث تم إنشاء أجهزة لتنظم هذه المرافق وتم فصل الشركات القابضة والتابعة لتقوم بدور تقديم للخدمة. ولكن يبقي أن يضطلع جهاز إدارة المخلفات بدوره في تنظيم مرفق إدارة المخلفات بكفاءة وفاعلية لضمان إستدامة النجاح في تقديم خدمة جيدة. كما ينغي الحرص علي سمة التنافسية في سوق خدمات إدارة المخلفات وعدم نشوء أوضاع إحتكارية تؤدي تدريجياُ إلي تدهور الخدمة. 

* هل الدولة لديها امكانيات من مصانع وخبرات تؤهلها للقيام بعملية التدوير أم لا؟

المرافق الحالية لإدارة المخلفات عموماً ومن بينها مرافق إعادة التدوير غير كافية. أما عن كيفية تدارك هذه الفجوة بين البنية الأساسية الراهنة لإدارة المخلفات وبين البنية المطلوبة، فيكون من خلال ضخ إستثمارات بيئية كثيفة في هذا المجال علي أن تكون موزعة بعدالة علي الأقاليم الإقتصادية المختلفة للقطر المصري طبقاً للإحتياجات، وهو مايبدو أن المنظومة الجديدة قد راعته طبقاً للبيانات الصادرة عن وزارة البيئة. 

وبوجه عام فإن الإستثمار ليس من أدوار الدولة، بل يقتصر دور الدولة علي تنظيم الإستثمار وتحفيزه وتوجيهه بأدوات السياسة الإقتصادية المختلفة. وفي مجال مرافق إعادة تدوير المخلفات فإنه ينبغي علي وزارة البيئة والمؤسسات المصرفية المختلفة (البنوك) المشاركة في توفير التمويل اللازم للإستثمارات البيئية بعناصرها المختلفة، وبالأخص في مجال إعادة التدوير وكذلك في مجال إنتاج الطاقة من المخلفات عموماً وبالذات من المخلفات العضوية والزراعية، وكذلك توفير الإستثمارات اللازمة لإنشاء وإدارة مرافق الدفن الصحي للمخلفات في إطار مايمكن إعتباره مدن صناعية متكاملة لإدارة المخلفات الصلبة.

* كيف تري الحل الجذري لقضية تلوث نهر النيل وكافة المجاري المائية العذبة ؟ 

أن يتم إستكمال البنية الأساسية للصرف علي كامل القطر المصري، متضمنة الشبكات العمومية ومحطات المعالجة، لكي تشمل كافة المناطق خاصة المناطق التي تصدر عنها كميات مؤثرة من المخلفات السائلة الصناعية، والمناطق التي تلقي المخلفات الصناعية في النيل وفروعه أو في المياه الجوفية أو أي مسطحات مائية عذبة. 

* هل القانون يطبق علي كافة المنشآت والمصانع لحماية نهر النيل من تلوث مياة الصرف؟

تم تنظيم حملات تفتيش بيئي علي المنشآت الصناعية التي تصرف علي النيل والترع والمصارف، وكذلك حملات تفتيش علي العائمات النهرية. إلا أن مردود تلك الحملات يشير إلي ضرورة تطوير الأساليب لتكون أكثر إحكاماً، من بينها ما تقرر منذ فترة من تطبيق نظام الشبكة القومية للرصد المستمر اللحظي لنوعية الصرف الصناعي من المنشآت الصناعية ذات أحمال التلوث العالية، وذلك علي غرار الشبكة القومية لرصد الإنبعاثات الغازية الصناعية.  

* مارأيك في الدعوة التي برزت مؤخراُ لإلغاء وزارة البيئة ؟

- أرفض هذه الدعوة جملة وتفصيلاُ لأنها في صالح مافيا الفساد وستزيد من ضعف منظومة العمل البيئي في مصر. وتسعي مافيا الفساد البيئي ومراكز القوى الاقتصادية وبعض جماعات الضغط إلى إضعاف وزارة البيئة تدريجيا ومن ثم إلغائها لإزاحة عقبة رئيسية تقف في طريق الحفاظ على مصالحهم ومفاسدهم، حيث سيؤدي إلغاء وزارة البيئة إلى تسهيل مهمة نهب ثروات وأراضي المحميات الطبيعية، والمعونات الموجهة لها، خاصة بعد إفتضاح أمر جماعات المافيا والفساد بشكل موسع، ووصول أخبارهم إلى المستويات السياسية والرقابية والأمنية لأول مرة بهذه الكثافة بعد ان كانت البيئة وخاصة المحميات نسياً منسياً.

بعض دول العالم – وليس كلها - لا توجد بها وزارة بيئة مركزية وتعتمد على نمط آخر من الحوكمة البيئية قائم على وجود وكالة مركزية مسئولة عن حماية البيئة بالإضافة إلى كيانات محلية في الولايات والمقاطعات الأخري". إلا أن هذا النمط غير مناسب لمصر في ظل خصوصية الواقع البيئي المصري. ولا يمكن تحميل وزارة البيئة المسؤلية كاملة تجاه قصور الأداء البيئي، لأن الشأن البيئي مسئولية تضامنية بين كافة شركاء العمل البيئي Stakeholders

وستكون فكرة إلغاء وزارة البيئة بمثابة التشييع النهائي للمصالح البيئية للمجتمع المصري إلي مثواها الأخير، وستتحول البيئة المصرية بكنوزها وثرواتها ومقدراتها إلي مائدة يجتمع عليها اللئام من الداخل والخارج، وذلك في ظل الضعف الشديد للجهاز الإداري للدولة عامة، والخلل الكبير في توازن القوي بين جماعات الضغط الاقتصادي والاجتماعي ومافيا الفساد البيئي من جهة وبين صناع القرار البيئي وكافة الأطراف المعنية بحماية البيئة من جهة أخرى.

وأطالب بعدم إلغاء وزارة البيئة، والاستمرار في الوضع الحالي بأن يظل "جهاز شئون البيئة" تابعا لمجلس الوزراء مع وجود "وزير أو وزير دولة لشئون البيئة"، وذلك لتعزيز المركز التفاوضي لوزارة البيئة في مواجهة أصحاب المصالح المشروعة وغير المشروعة. ومن الحيوي أن يكون هناك وزير مسئول عن ملف البيئة داخل مجلس الوزراء، حتي يمثل الصوت المدافع عن المصالح البيئية للمجتمع في مواجهة "غول" مراكز القوي الاقتصادية وجماعات الضغط والمصالح ومافيا الفساد، وبالأخص مافيا نهب المحميات الطبيعية التي تسعي بدأب في الخفاء إلي إضعاف ومن ثم إلغاء وزارة البيئة بهدف الانفراد بالمحميات بعد فصلها عن جهاز شئون البيئة وجعلها "هيئة اقتصادية مستقلة" وبالتالي يمكن لمافيا المحميات نهب ثرواتها بعيداُ عن أعين العارفين ببواطن الأمور من العاملين بوزارة البيئة خارج قطاع المحميات. فضلاً عن أن حيتان إستيراد الفحم الحجري لهم مصلحة في أن تظل وزارة البيئة ضعيفة، وأن تظل قياداتها وكوادرها تحت سيطرتهم، لضمان إستمرار السماح بإستيراد الفحم الحجري الذي توقفت دول العالم عن إستخدامه.
---------------------
حوار- علي موسى






اعلان