18 - 07 - 2024

بالصور.. الحكومة طورت "المنيل القديم" وتركت 500 أسرة في الشارع

بالصور.. الحكومة طورت

- يستنجدون بالرئيس السيسي ويطلبون شهادة المهندس إبراهيم محلب

- الأهالي إستقبلوا محلب ووزير الأوقاف ومحافظ القاهرة بالزغاريد فى 2014 ويطالبون الحكومة الوفاء بوعودها.

- "منازلنا تنهار واحدا بعد الآخر .. وستخرجون من تبقوا منا من تحت الأنقاض"آ 

- أطفال المنطقة:"أصحابنا فى المدرسة بيعايرونا إننا بنام فى الشارع يرضيك كده ياريس"!

إنهيار بعض منازل منطقة المنيل القديم، إستغاثة الأهالي بالمسئولين، صفحات على فيس بوك، تهاجم الأهالي وتتهمهم بـ "التسبب فى إنهيار المنازل عليهم، بسبب رفضهم الذهاب للشقق التى قامت الحكومة ببنائها لهم".

ذهبنا لأهالي منطقة "المنيل القديم" لمعرفة أصل الحكاية، والأسباب الحقيقية وراء رفضهم الذهاب الى العمارات التى تم إنشاؤها لهم من قبل وزارة الأوقاف، والتى وقع رئيس الوزراء الأسبق إبراهيم محلب، الإتفاق عليها منذ عام 2014

أثناء دخول المنطقة لا نرى سوى "منازل منهارة"، وسيدات وأطفال يفترشون الشوارع ببطاطين أمام أطلال منازلهم، وبجوارهم "كلاب ضالة، وقمامة، وحطب" يقومون بإشعاله ليلاً لتدفئة أولادهم من البرد القارس أثناء نومهم فى الشارع.

هذا المشهد يناسب فيلما سينمائيا يحكى معاناة الفقراء مع السلطة، وليس فى دولة قامت بثورتين على التوالى للمطالبة بـ "العيش والحرية والعدالة الإجتماعية"آ 

أهالي "المنيل القديم" يؤكدون أنهم ليسوا بلطجية كما ادعى بعض المسئولين، بل ضحايا لهم أطفال فى المدارس، وأبناء في الجامعات، يعيشون هم وأطفالهم فى الشوارع وبجوارهم "العمارات التى أنشأتها وزارة الأوقاف لهم فارغة من السكان، وتسكنها "الكلاب الضالة" ولا يستطيعون دخولها، خوفاً من دخولهم السجن إذا إحتموا فيها هم وأطفالهم من برد الشتاء.

المنطقة بأكملها تضم منازل متصدعة ومشققة مهددة بالإنهيار في أي وقت، ومع ذلك ما زال بعض الأهالي يسكنونها، لأنه ليس لهم أماكن أخرى .

أصل الحكاية

الحاجة زهرة البالغة من العمر 80 عاماً أحدى المتضررات تقول: "منذ أربع سنوات جاء للمنيل القديم رئيس الوزراء السابق إبراهيم محلب، وقام بعمل ندوة للأهالي، وقال لنا سنقوم بيناء عمارات لكم بشراكة مع وزارة الأوقاف لتسكنوا فيها بدلاً من تلك العشوائيات، وسنأخذ باقي الأرض"

تضيف زهرة: "قلت له هنا مسقط رأسي، ولن أذهب لأى مكان أخر غير المنيل، وكان رد محلب هذه العمارات لكم، ولن يتم إخراجكم من هنا، وبعد ذلك قاموا بكتابة لافتة على الشارع الرئيسي بعنوان "تطوير المنيل القديم" بعد ذلك تم بناء العمارات، ولم يقوموا بتسكيننا فيها، ولم يسأل فينا أحد من المسئولين حتى الأن ولا حتى محلب"

تؤكد الحاجة زهرة، أن منازلهم كانت بحالة جيدة حتى بدأت وزارة الأوقاف بهدم بعضها لبناء العمارات، مما تسبب فى "اهتزازات" أرضية بفعل الحفر واللوادر، وترتب عليها إنهيار بعض المنازل ليلاً على رؤوس الأهالي وهم بداخلها

أضافت أن منزلها كان مكونا من ثلاثة طوابق، تعيش فيه مع أولادها وأطفالهم، وبعد إنهياره أصبح جميعهم يعيشون فى الشارع، فى هذا البرد القارس

وتقول بجزع: "جميع المسئولون يتهربون منا، رغم تأكيدهم في السابق أن العمارات يتم بناؤها لأهالي المنيل القديم، لكن لم يقوموا بتسليمها لنا حتى بعد إنهيار منازلنا بسببها"

تطالب الحاجة زهرة الرئيس بسرعة التدخل لإنقاذهم وإنقاذ أطفالهم من نوم الشارع، وتطالب رئيس الوزراء السابق إبراهيم محلب بالتدخل لتسليم تلك المساكن لهم مثلما وعدهم.

في نفس السياق تقول"فاطمة" البالغة من العمر 40 عاماً، والمقيمة منذ الصغر بمنطقة المنيل القديم، أنه بعد إنهيار المنازل عليهم، هناك من قالوا لهم أدخلوا العمارات التى تم بناؤها من قبل وزارة الأوقاف بالقوة، لكنهم رفضوا خوفاً من أن تقوم الشرطة بإلقاء القبض عليهم، لأنهم ليس بحوزتهم أوراق تثبت أن تلك الشقق أصبحت لهم بعد بنائها، مع العلم انها حقهم لكن لا يريدون الحصول عليه بطريقة تجعلهم متهمين بإثارة شغب، لذلك إضطروا للنوم فى الشارع بدلاً من البهدلة داخل السجن.

تضيف فاطمة:" لدى أطفال فى المدارس والجامعة لا يستطيعون المذاكرة أو الذهاب للمدرسة بعد إنهيار منازلنا، مع العلم أن كل ما نريده هو تعليم أطفالنا وعيشة كريمة فقط لاغير، هناك من يقول إننا بلطجية مع إننا غلابة جداً، وإذا كنا بلطجية كما أدعى البعض، لماذا لم نقم بإقتحام تلك العمارات والإقامة فيها بدلاً من العيشة فى الشارع أمام منازلنا المنهارة فى عز الشتاء مع الكلاب والقمامة"

وتوضح أن الأراضي التي أقيمت عليها العمارات ملك لهم من جدود الجدود، ولم يأخذوها بوضع اليد كما يزعم البعض"

المنيل القديم يضم أكثر من 500 أسرة، أغلبها أصبح فى الشارع، تعيش حالة رعب وخوف بسبب منزل أو اثنين يلجأ لهما بعض الأطفال أثناء المطر، مع العلم انهما معرضان للإنهيار فى أى لحظة.

تستطرد فاطمة قائلة:" رأينا الموت بأعينا حينما إنهار المنزل على ابن أخو زوجى، وزوجته وأطفاله ليلاً، ونحن قمنا بإخراجهم من تحت الأنقاد، وهذه الكارثة تعتبر الثانية، بعد حدوث ماس كهربائي تسبب فى إشتعال المنازل".

آ وقالت فاطمة، نحن الآن خائفين على أطفالنا من الخطر المحيط بينا من كل الجهات، لإننا نعلم جيداً أن المنزل الذى جمع بعض الأطفال والسيدات من الشتاء معرض للإنهيار فى أى لحظة، فهل يرضي أى مسئول عما يحدث معنا؟ وإذا كان مكاننا ماذا كان سيفعل؟

وأضافت " الحكومة ولا سامعانا ولا شايفانا، علشان إحنا مش بتوع مشاكل" وكل همنا فى تلك اللحظة وبالرغم من المصائب المحيطة بينا هو أن نتوضأ حتى نصلي فروض ربنا".

وأستطردت قائلة:" العمارات المجاورة لمنازلهم المنهارة قام بإنشائها منذ أربع سنوات رئيس وزراء السابق إبراهيم محلب وقال لهم انه سيقوم بتنفيذ المشروع وهدم بعض المنازل وتسكين جزء من الأهالي كمرحلة أولى، وبعد ذلك سيقوم بهدم الجزء الثانى من المنازل وتسكين باقي الأهالي كمرحلة ثانية، والأن وبعد أكثر من أربع سنوات وتنفيذ جزء من المشروع وبناء العمارات أصبحت الكلاب من تسكن الشقق، بدلاً من الأهالي".

لن نتعدى على الشقق

جابر عباس أحد المتضررين، يقول: فى بداية الأمر جاء لنا وزير الأوقاف بصحبة محافظ القاهرة ورئيس الوزراء السابق إبراهيم محلب فى عام 2014، وقالوا لنا سنقوم ببناء مساكن جديدة لكم، وكنا جميعاً في فرحة عامرة لإننا سنعيش فى عمارات، وها نحن منذ أكثر من 13 يوما فى الشارع، أنقاض المنازل على الأرض، بالرغم من ان العمارات التى تم بناؤها من قبل وزارة الأوقاف تسكنها الكلاب، الا إننا رفضنا دخولها حتى لا يقال اننا نتعدى على شقق المشروع، فنحن ننتظر أن يتم كل شيء بالقانون.

ويضيف بأسى: "أصبحنا فى الشارع، وكل مانقوم به هو إشعال النيران ليلاً للتدفئة من برد الشتاء القارس.. لم يسأل فينا أحد بعد إنهيار منازلنا، وكل ماحدث أن رئيس حي مصر القديمة قال لنا نحن تحدثنا مع وزارة الأوقاف لإيجاد حل لكم، وحتى الأن منذ 13 يوما لم يأت لنا أى مسئول نهائياً، وكل مانريده هو أن يشعر أحد بمصيبتنا الجميع يأتى ينظر لنا ويمشي مرةً أخرى، هل يعقل أن الكلاب تسكن الشقق؟ طيب تعتبرنا الحكومة كلابا وتجعلنا نسكن"!.

أم خالد، التي إنهار منزلها على نجلها وزوجته، تقول: نحن لا نستطيع أن نأكل أو نشرب أو ننام، نعيش فى الشارع فى عز البرد، والحكومة لن تستجيب حتى تحدث كارثة حقيقية وهى موت أهالى المنيل القديم تحت الأنقاض.

تضيف: "منازلنا كانت بحالة جيدة قبل أن تبني الأوقاف مشروعها الجديد منذ 2014، وقال إبراهيم محلب ووزير الأوقاف لنا أننا نقوم ببناء تلك العمارات لكم حتى تعيشوا فيها، لأنهم يريدون إقامة مشروعات علي باقي الأرض، ونحن وافقنا على ذلك لكن ما حدث هو بناء المشروع الذي تسبب في انهيار منازلنا، ولم يقوموا بتسليم شقق لنا".

تضيف أن وزير الأوقاف أخبرهم أن "المساكن تحت الإنشاء لم تدخلها المياه أو الكهرباء، لكن الأهالي وافقوا على استلامها حتى لو عاشوا على ضوء الشموع وملء المياه من الخارج، لكي يحتمون فيها بدلاً من العيشة فى الشارع مع الكلاب الضالة والقمامة ومطر الشتاء."

وأستطرت قائلة :" الحكومة الأن تريد منا أن ندفع لوزارة الأوقاف 1300 جنيه شهرياً مقابل الحصول على شقة، لكن جميع سكان المنطقة غلابة ولا يملكون ذلك المبلغ، والسؤال إذا كنا سندفع إيجارا شهريا، فما التعويض الذى ستدفعه الدولة لنا مقابل إعطائنا أراضينا لها؟

آ أم خالدآ تطالب الرئيس السيسي بنظرة شفقة ورحمة، حتى ينجدهم مما هم فيه، مؤكدة على انه لن يرضي بعيشتهم فى الشارع بعد هدم منازلهم.

وأضافت أصبحت أتمنى الموت الأن كل لحظة بعد ما أتى اليوم الذي أرى فيه نجلى وأسرته تحت الأنقاض.

وتقول أم أحمد التي نجت بعد إنهيار المنزل عليها، ان المنزل إنهار عليها أثناء قيامها الليل الساعة الثانيةً صباحاً، ولم تشعر إلا بالأهالي يقومون بإخراجها من تحت الأنقاض، وأكدت على انها الأن تذهب لتنام عند إبنتها المتزوجة وتأتى كل يوم فى الصباح الباكر لأن معها أطفال فى المدارس"

ومن جانبهم ناشد أطفال المنطقة الرئيس عبد الفتاح السيسي بأن يأتي ليرى بنفسه ماحدث لهم،آ ويؤكدون أن أصحابهم بالمدرسة يعيرونهم بأن منازلهم إنهارت عليهم، وإنهم يعيشون الأن فى الشارع. ويقولون: "نريد أن نعيش فى شقق مثل أصحابنا، نحن ياسيادة الرئيس نرى الموت بأعيننا يومياً هل يرضيك ذلك؟ نحن أصبحنا ننام مع الكلاب الضالة، ونرتجف من البرد، فهل يرضيك ذلك؟"

خالد بهجت، أحد المتضررين يقول: "الوضع سيء للغاية.. نعيش في الشارع بلا مأوى، لانستطيع متابعة أعمالنا، الموت قريب منا، فقد تنهار المنازل المحيطة بنا وتدمر المنطقة بالكامل"

محروسة أحمد، صاحبة أحد المنازل المنهارة تقول: "عند ذهابنا للاستغاثة بالحي أجابوا: "لو مات حد تعالوا اشتكوا"، وتضيف: سوف تنهار المنازل ويخرجون الأهالي من تحت الأنقاض وتصبح كارثة"

وأشارت مسعودة عبد الحميد، البالغة من العمر 44 عاما إلى حدوث حريق تسبب في خسائر فادحة لمنازل شارعهم جميعها، وتقول: "في الوقت الحالي أدخل منزلي عن طريق الشباك لأن الباب أغلقه ركام المنزل المنهار بجانبه"

وناشد أحمد محمود، 52 عاما، رئيس الجمهورية بسرعة الإستجابة لهم، لتحويل ما أعلنه عن تطوير العشوائيات إلى واقع، ويقول: "من المفترض أن نتسلم مبانٍ جديدة بناء على بروتوكول تطوير منطقة المنيل القديم الذي وقعه المهندس إبراهيم محلب، رئيس الوزراء الأسبق، ووزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة، منذ ستة أعوام" آ 

"جوجل" يصادق على حديث الأهالي

يحثنا على محرك البحث "جوجل" فوجدنا الآتي:

- يوم 7 سبتمبر 2014 الصفحة الرسمية لوزارة الأوقاف نشرت ما نصه: "منطقة المنيل القديم تشهد فرحة عارمة بعد أن وجد المواطنون لافتة كبري عن تطوير المنطقة، وإسناد هذا العمل الكبير للمجموعة الوطنية لأستثمارات الأوقاف، والتي سوف تتولي تطوير منطقة المنيل القديمة، وتحقيق حلم الفقراء في العيش بكرامة في وحدات سكنية تليق بهم

............

وقد تم الإتفاق بين محافظة القاهرة وهيئة الأوقاف على أن يتم تطوير المنطقة بدون الإضرار بالمواطنين المقيمين بها، وإنشاء وحدات سكنية لهم من خلال إقامة عدد من العمارات وتضم محلات تجارية مع إضافة الخدمات اللازمة للمنطقة مثل نقاط اطفاء وإسعاف ومبنى اداري وخدمات لتحقيق احتياجات القاطنين بالإضافة الى إقامة جزء استثماري لصالح هيئة الاوقاف لتغطية نفقات اعادة التخطيط والذي تقوم بتمويله بالكامل هيئة الاوقاف المصرية"

- محافظة القاهرة وقعت برتوكول تعاون مشترك بين هيئة الأوقاف المصرية لتطوير منطقة المنيل القديم بحي مصر القديمة، والبالغ مساحتها حوالي 21 ألف متر مربع تقريبًا وتضم حاليًا عدد من المباني العشوائية وورش ومحلات تجارية، وتتولى تمويل المشروع بالكامل وسيسهم فى توفير وحدات سكنية لقاطنى المنطقة

- قررت الهيئه إستثمار مبلغ 250 مليون جنيه فى تطوير مشروع المنيل القديم على مساحه 21 ألف متر مربع وأسندت تطوير المنطقه للمجموعه الوطنيه لإستثمارات الأوقاف وهى الذراع التنفيذى للهيئه، وسيتم تنفيذ 17 عماره للإسكان الإجتماعى، وأن المشروع سيسهم فى توفير وحدات سكنية لقاطنى المنطقة"

- العديد من"الصحف" نشرت يوم الخميس 24 يوليو 2014، إستقبال أهالى المنيل القديم المهندس "إبراهيم محلب" رئيس الوزراء بالزغاريد، بعد ذهابه إلى هناك، ليشهد توقيع بروتوكول تطوير منطقة المنيل القديم بين وزراء الإسكان والأوقاف ومحافظة القاهرة.

ولا تعليق.
------------------
تحقيق/ بسمة رمضان وآمال عبدالله

آ