18 - 07 - 2024

تعديل الدستور مهمة برلمانية عاجلة.. إشارة البدء دعوى قضائية والهدف فتح مدد الرئاسة!

تعديل الدستور مهمة برلمانية عاجلة.. إشارة البدء دعوى قضائية والهدف فتح مدد الرئاسة!

 التجمع يطالب الرئيس السيسي برفض الخطوة.. وعبد العال وتواضروس أبرز المرحبين

محمد نور فرحات: "ضد المساس بالدستور، فلم يمض وقت كافٍ على تطبيقه حتى نحتاج إلى تعديله"

"هناك موادّ ملغومة في الدستور".. أشهر التصريحات التي تأتي على لسان نواب موالين للحكومة في البرلمان، وكان أخرهم رئيس لجنة الثقافة والإعلام في البرلمان، أسامة هيكل أكتوبر الماضي. وتمثلت إشارة البدء في دعوى قضائية عاجلة أمام القضاء الإداري على النحو الذي شهدته قضية تيران وصنافير.

وكلما جاء مقترح تعديل الدستور، صاحبته موجة عاتية من الجدل، بين مؤيد ومعارض، وتبرز نوعية من الأسئلة حول الجدوى من الخطوة والمراد منها تحديدا، فالموالون للحكومة يرون أن الدستور يغل يد الرئيس السيسي في عمله، وبين معارض يراها محاولة لإضفاء المزيد من الصلاحيات لرأس النظام.

وأقر المصريون دستورهم العام 2014 بعد استفتاء شعبي، وقال خبراء قانون وقتها إن الدستور يعمل على توزيع الصلاحيات ما بين الحكومة والرئيس والبرلمان، وانه بوضعه الحالي حدد نظام الحكم بأنه شبه برلماني.

ومنذ الفترة الرئاسية الأولى للرئيس السيسي والحديث يدور حول ضرورة تعديل مواد الدستور، خاصة المتعلقة بمد فترة الرئاسة، إلى ست سنوات بدلا من أربعة، فيما كان يطالب أخرون بفتح الترشح للمدد الرئاسية.

المطالبة بتعديل الدستور لم تقف عند حدود التصريحات، فحرك عدد من المحامين دعاوى في محكمة القاهرة للأمور المستعجلة، لتعديل الدستور، لتحدد المحكمة جلسة 23 ديسمبر الجاري، لنظر اولى جلسات دعوى.

وطالب محركو الدعوى رئيس مجلس النواب بصفته بإجراء تعديل للمادة رقم 140 من الدستور المصري الصادر عام 2014 والتي نصت على انتخاب رئيس الجمهورية لمدة 4 سنوات ميلادية تبدأ من اليوم التالي لانتهاء سلفه ولا يجوز إعادة انتخابه إلا لمرة واحدة فقط .

أشار المدعون بأن نص المادة فيما يتعلق بعدم جواز انتخابه إلا لمرة واحدة قد جاءت مجحفة وان فترة 8 سنوات فقط قليلة للغاية؛ نظر لحجم المخاطر والتحديات والأضرار الاقتصادية والأمنية التي تمر بها البلاد.

ووصف رافعو الدعوى المادة بأنها بدعة أرادت اللجنة التأسيسية للدستور وضعها فيه محاكاة للبلاد الغربية، رغم اختلاف كل  دولة عن الأخرى.

يتوقع حال صدور حكم من محكمة الامور المستعجلة بقبول الدعوى، ان يصبح لدى النواب الراغبين في تعديل الدستور مظلة قانونية تبرر تحركاتهم، على الرغم من ان أحكام  المحكمة الدستور العليا شكلية، للإيقاف المؤقت، وغير مختصة بنظر تلك القضايا، فالدستور حدد طريقة تغييره. 

بحسب خبير القانون الدستوري، رمضان بطيخ، "لا يوجد ما يمنع من تعديل الدستور، فالنص ليس مقدسا، وبالتالي فإن كل الدساتير قابلة للتعديل، ومن الوارد بعد 4 سنوات من التطبيق أن نجد موادّا تحتاج لتعديل، وهذا من الناحية القانونية وفقط". فيما رفض الفقيه الدستوري محمد نور فرحات، فكرة تعديل الدستور التي تطفو على السطح كل حين، وقال: "ضد المساس بالدستور، فلم يمض وقت كافٍ على تطبيقه حتى نحتاج إلى تعديله".

ووفقاً للمادة 226 فإنه "لرئيس الجمهورية أو لخمس أعضاء مجلس النواب، طلب تعديل مادة، أو أكثر من مواد الدستور، ويناقش مجلس النواب طلب التعديل خلال 30 يوماً من تاريخ تسلمه، ويصدر المجلس قراره بقبول طلب التعديل كليّاً، أو جزئيّاً بأغلبية أعضائه، وإذا رفض الطلب لا يجوز إعادة طلب تعديل المواد ذاتها قبل حلول دور الانعقاد التالي، وإذا وافق المجلس على طلب التعديل، يناقش نصوص المواد المطلوب تعديلها بعد 60 يوماً من تاريخ الموافقة، فإذا وافق على التعديل ثلثا عدد أعضاء المجلس، عرض على الشعب لاستفتائه عليه خلال 30 يوماً".

يقول المتحدث باسم حزب "التجمع" - أقدم الأحزاب اليسارية المصرية - نبيل زكي: "أعترض بشدة على تعديل مواد الدستور. فالدستور الحالي مكسب ديمقراطي". وطالب الرئيس السيسي بعدم الموافقة على تعديل الدستور، مشددًا في تصريحات لـ"المشهد" على أن من يزعمون ان 4 سنوات غير كافية، فالرئيس حقق خلال فترته الأولى ما يتم إنجازه في سنوات، فهذه ليست حجة كافية لتعديل الدستور.

وأشار إلى أن حالة الإلتفاف الشعبي والرسمي وراء الرئيس تمنحه صلاحيات كبيرة، ولا يمكن لأحد أن يشكك في أن السيسي قادر على القيام بجميع مهامه في الوقت الحالي ولا يعيقه الدستور في شيء ، وتابع: "مطالب تعديل الدستور سيكون لها مردود غير إيجابي على الدولة". 

أما بابا الأقباط، تواضروس الثاني، أعطى تلميحا بقبوله فكرة تعديل الدستور، فقال خلال حوار الخميس الماضي، عن المطالبات بتعديل فترة الرئاسة بالدستور “لو كانت الحاجة تتطلب تعديل الدستور فممكن ذلك، فالدستور من وضع بشر”، في دعم ضمني لهذا التوجه.

الكلام عن الدستور أيضا جاء من قبل رئيس مجلس النواب، علي عبد العال الذي قال العام 2017، خلال جلسة عامة "إن هناك موادا في الدستور تحتاج لإعادة نظر لأنها غير منطقية … الدستور الذي يتم وضعه في حالة عدم استقرار، يحتاج إلى إعادة نظر بعد استقرار الدولة”، قبل أن يتراجع عن تلك التصريحات بسبب انتقادات المعارضة.

وخلال سبتمبر الماضي، جدد النائب محمد فؤاد، مطالبه بتعديل الدستور التي يتعلق أغلبها بالمادة 140 بخصوص مد فترة الرئاسة من 4 إلى 6 سنوات.

وطالب النائب بضرورة تعديل مواد الدستور ليتماشى مع متطلبات المرحلة الحالية، وهو ما أيده عدد كبير من النواب المستقلين والحزبيين وعدد من السياسيين، على رأسهم النائب محمد أبو حامد، والنائب معتز محمود الذي تقدم بمقترح سابق لتعديل الدستور قبل إجراء الانتخابات الرئاسية في مارس الماضي.

كما تقدم النائب إسماعيل نصر الدين، منتصف شهر أغسطس الماضي، بمقترح لتعديل الدستور من أجل مد فترة رئيس الجمهورية لـ6 سنوات. فيما قال النائب محمد فؤاد، إن المصلحة العامة للبلاد تتطلب تعديلا حتميا لبعض مواد الدستور، خاصة أن هناك عددًا من المواد يحتاج لسد الثغرات الموجودة بها.

أضاف، أن هناك أخطاء كثيرة والتفكير في تعديلها ليس جرمًا أو إنكارًا، مطالبًا البرلمان باستكمال دوره التشريعي، من أجل إعلاء المصلحة الوطنية بما يخدم الشعب المصري، ويحقق الرخاء والمصلحة العامة، مؤكدًا أن البرلمان عليه واجب تجاه المصريين، وأن الدستور ليس منزلاً أو منزّها عن الأخطاء.

المؤشرات تتجه إلى أن البرلمان مستعد لإدخال التعديلات على الدستور، خلال دور الانعقاد الحالي، وأن المواد المتعلقة بمدد الرئاسة ستكون على رأس هذه المواد.
----------------------
تقرير - باهر عبدالعظيم