18 - 07 - 2024

"صحفي بالمشهد" يخوض تجربة لـ"كابتن أوبر"..شباب يبحث عن عمل ويتخفي من "المرور" كالمجرم

الخوف من كمائن المرور هو الهاجس الأبرز وتقنين الخدمة يحل مشاكل العاطلين عن العمل.

دفعت "المشهد" أحد صحفييها ليعيش تجربة "كابتن أوبر" ويتناول القضية بموضوعية بعيدًا عن  السطحية التي اتسمت بها التغطية الإعلامية لها.

التجربة كراكب تبدو سهلة.. وغالبًا ما يخشى قائد السيارة التقييم السيء للراكب، لأن تطبيقي أوبر وكريم يقومان بحماية الراكب، وبضغطة زر واحدة يمكنه أن يوقف قائد السيارة من العمل مع الشركة، خصوصا إذا قام أكثر من راكب في نفس اليوم بإعطائه تقييما سيئا، أو قام بإرسال شكوى، وإذا وافق قائد أوبر وكريم على أي مشوار وطلب منه الراكب الذهاب إلى أي مكان خلال المشوار حتى وإن كان داخل قرية مليئة بالمطبات والمياه وما شابه ذلك، لا يستطيع أن يرفض.

التجربة كقائد في أوبر بها كثير من الصعوبات، فقد اكتشفنا أن أغلب قائدي شركتي أوبر وكريم ليسوا من أصحاب السيارات، ولكنهم يعملون عليها بنسبة "الثلث والثلثين" وبعد تكلفة البنزين، يكون صافي ربح كابتن أوبر بعد عدد ساعات عمل لا يقل عن 12 ساعة جالسًا على كرسي القيادة نحو 100 جنيه يوميًا ، رغم أنه يتنقل من محافظة إلى أخرى ويذهب إلى أماكن لا يعرفها، ويجد نفسه مجبرًا على الذهاب إليها.

للانضمام إلى "كباتن" شركة أوبر، ذهبت إلى مقر الشركة في التحرير بجوار الجامعة الأمريكية، أعطيتهم رخصة القيادة الخاصة ورخصة السيارة، وفحص يثبت أن السيارة تصلح للسفر، والعمل في أوبر، وتحليل مخدرات وفيش جنائي، وحضرت محاضرة لشرح كيفية استخدام التطبيق وقبول الطلبات وكيفية التعامل مع الركاب، وأوصى المحاضر "كابتن أوبر" أن يكون معه "بونبوني" ومياها للشرب حتى يعطي للركاب، ولا يتحدث  في السياسة، ولا يرد على الهاتف الشخصي أثناء الرحلة إلا لو كانت المكالمة لأمر ضروري جدًا، فيجب استئذان الراكب أولًا للرد، حتى تكون الخدمة في السيارة على أكمل وجه.

 وعن مخالفات المرور قال المحاضر تجنبوا إشارات المرور وعليكم عدم الإعلان عن أنفسكم أنكم ضمن فريق  أوبر لأنه في هذه الحالة سيعطيكم غرامة تحميل ركاب في سيارة ملاكي.

وتحصل الشركة على 20% من صافي الربح اليومي فإذا كان صافي رصيد اليوم 500 جنيه يكون نصيب الشركة منه 100 جنيه، وانتهت المحاضرة وأصبح التطبيق جاهزا للعمل على الهاتف الذكي.

بدأت التجربة بشغف و في أول مشوار وجدت الهاتف يدق بجرس صوته غريب عن رنة هاتفي ومكتوب على الشاشة أن هناك طلب، وأمامي خياران القبول أو الرفض، على الفور قبلت الطلب ولأن رقم هاتفي بالتطبيق يظهر للطالب وجدته يتصل على الرقم الشخصي يسألني عن مكاني، فأجبته ووصلت إليه من خلال خرائط gps بعد معاناة.

 هناك خوف دائم من كل كمين مرور حتى لا يخالفني، وفي نفس الوقت علي النظر إلى التليفون لرؤية الخرائط حتى أصل إلى مَقْصِدِي، كل هذه الأمور تضع "قائد أوبر" تحت ضغط عصبي ونفسي ومجهود ذهني مضاعف مثل ما حدث معي.

استمر استخدام تطبيق أوبر كقائد كلما توفر لي الوقت لأخوض تفاصيل التجربة، المشاوير في أوبر يطلق عليها رحلات وذات رحلة صاحبني ضابط شرطة في مديرية أمن القاهرة، علمت منه أن  سيارته الخاصة في التوكيل وهو يفضل أوبر عن التاكسي، وعبر النقاش اكتشفت  أنه يوميًا يرسل أولاده إلى النادي باستخدام أوبر، لم أتمالك نفسي وسألته لماذا تضايقون "كباتن أوبر" في الكمائن رغم أنكم تعلمون أنهم من أفضل الشباب ويبحثون عن فرص عمل أو دخل إضافي؟ كانت إجابته نعم نحن نثق بهم ونقدر دورهم ولكننا جهة تنفيذية ننفذ القوانين، ونتمنى أن تحل مشكلتهم مع الحكومة .

في رحلة أخرى وجدت ، إحدى السيدات في العجوزة مُتَّجهة إلى أكتوبر، في بداية الطريق استوقفنا كمين مرور وطلب رخصتي ورخصة القيادة ، فأعطيتها له ولأن السيدة تجلس في الخلف كطبيعة مستخدمات أوبر، سألني من هي فأجابت السيدة مسرعة قبل أن أجيب عليه "أنا ابنة عمه وقابلني هنا وبيوصلني وعادتنا وتقاليدنا في البلد إني مينفعش أركب بجواره"، أعطاني الضابط الرخصة ومررنا، فشكرتها كثيرًا وقالت: "أنا أتصرفت هكذا لأنهم أخدوا مخالفة من كابتن كنت راكبه معه من قبل بسبب تحميل أجرة في ملاكي ومن يومها وأنا ضميري بيأنبني إني قلت للضابط أنا راكبه أوبر" .

ومن الأجانب، حدث طلب رحلة في قرية ميت رهينة، وتحديدًا أمام معبد بتاح ذهبت إلى هناك على بعد 6 كيلو من مكاني، واكتشفت أن الركاب سيدات من دولة أجنبية لم أستطع تحديدها، وفور ركوبهن قالت إحداهن كلمة واحدة  gps وعلمت أنهن حددن مكان الذهاب على الخرائط، وفتحن الخرائط من خلال التطبيق للاتجاه إلى فندق في الهرم، قمت بتوصيلهن إلى الفندق المحدد على الخرائط وعند تحصيل رسوم المشوار أظهرت تكلفة المشوار وأظهرتها لهن على شاشة الهاتف، ودفعن القيمة دون كلمة واحدة وهذا ما جعلني أعرف  لماذا ينجح تطبيق أوبر على مستوى العالم، لأن الأجانب يستطيعون استخدامه دون الحاجة إلى مترجم ودون الحاجة إلى الحديث مع أحد.

قانونيا، صدر حكم محكمة في مارس الماضي بإيقاف شركتي أوبر وكريم داخل مصر وبعد صراعات وقضايا وتدخل مجلس النواب ورئيس الجمهورية شخصيًا  وافق الرئيس عبد الفتاح السيسي على قانون ينظم عمل التطبيقين الشهيرين "أوبر" و"كريم"، بعدما طعنت الشركتان على حكم قضائي يلغي ترخيصهما، حسبما أفادت الجريدة الرسمية .

ويضع القانون الأساس لتراخيص التشغيل والرسوم، ويفرض على الشركات المرخصة الاحتفاظ ببيانات المستخدمين لمدة 180 يومًا وإتاحتها للسلطات الأمنية المصرية عند الطلب.

ولم يصدر تعليق فوري من أوبر وكريم، لكنهما رحبتا بمشروع القانون عندما وافق عليه البرلمان .

وكانت محكمة القضاء الإداري في القاهرة قد لخصت في مارس الماضي إلى أنه من غير القانوني استخدام السيارات الخاصة كسيارات أجرة. لكن محكمة أخرى ألغت هذا الحكم في أبريل، واستمرت الشركتان في عملهما منذ ذلك الحين.

وأرجأت المحكمة الإدارية العليا البت في الاستئناف.

ويبقى تطبيق أوبر وكريم يعملان بالتحايل على القانون أو إخفاء "الكباتن" هويتهم خوفًا من الغرامات، ويبقى السؤال الذي يطرح نفسه لماذا تكون الحكومة المصرية الوحيدة ضمن حكومات العالم التي تهاجم تطبيق أوبر وتضيق الخناق على الشباب الذي لم يحصل على فرصة عمل ووجد فرصة طيبة تظهره بمظهر طيب وتشغل وقته حتى لا يكون عاطلًا؟!!!
----------------------
تحقيق - أحمد صلاح سلمان