مجددا عاد الحديث عن البرامكة وقصتهم في زمن هارون الرشيد وكيف كانت قصة صعودهم وكيف انتهت حكاياتهم ,
سبب الحديث عنهم وخاصة في صعيد مصر وتحديدا في محافظة قنا على وجه الخصوص ربما نتركه للقارىء ذاته وعليه ان يتوقع الربط بينهم وبين سيطرة البعض على مكان صنع القرار في محافظة ملتهبة مثل محافظة قنا ورفض الاستماع لاى نقد يختص بخمسة قيادات هم الاقرب لعصر البرامكة وبات المواطن يسال نفسه سؤلا اين كانوا قبل نوفمبر 2019 ولماذا صعدوا بهذه الطريقة الرهيبة , ولنبدأ بالحديث عن البرامكة الحقيقيون ,
من هم البرامكة، وهم عائلة فارسية الأصل، مجوسية المعتقد، أي أصولهم من المجوس وهم عبّاد النار، ويرجع أصلهم إلى جدهم الأكبر، وهو برمك المجوسي، ولا يذكر له إسلامًا، ولقبه يعني السادن الأكبر لمعبد النَوْبهار ببلخ، والنوبهار هو معبد كان يقصده ملوك الهند والصين وكابل، ويحجّون إليه، ولم يعرف عن البرامكة أثر واضح بيّن في التاريخ الإسلامي إلا في عهد الرشيد وما قبله بقليل، إذ كان يحيى بن خالد البرمكي هو المربي والمسؤول عن تربية الرشيد، أما زوجته فقد أرضعت الخليفة هارون الرشيد، وقد قام يحيى بن خالد على أمر وزارة الرشيد وقد فوضه الرشيد بكل الأمور، بحكم أنه كان زوج أمه بالرضاعة ومربيه، أما الفضل بن يحيى بن خالد فقد كان أخًا للخليفة هارون الرشيد من الرضاعة، وقد وكله على تربية ابنه الأمين بن هارون الرشيد،
واما عن عهد تسلط ونفوذ البرامكة، فقد تمت المعرفة بأنه قد كان هناك قرب وود بين الأسرة البرمكية وهارون الرشيد، وعند تنصيب الرشيد خليفة قال له مربيه يحيى البرمكي وهو الذي بمقام والده: "قلدتك أمر الرعية وأخرجته من حقي إليك، فاحكم في ذلك بما ترى من الصواب، واستعمل من رأيت، وأعزل من رأيت"، وقد ظهرت أمارات نفوذهم الكبير عندما كتب هارون الرشيد بولاية العهد لابنه الأمين، والذي لم يكد يبلغ الخامسة عشر من العمر، مع أن الأحقية بالأصل لابنه عبد الله "المأمون"، فقد قال أبوه الرشيد فيه: "إن فيه حزم المنصور، ونسك المهدي، وعزة الهادي، ولو شئت أن أقول الرابعة مني لقلت"، ولكنه قدم الأمين لكونه هاشمي الأب والأمن وذلك لم يجتمع لأحد من بني العباس إلا قليل، وعبد الله فارسي الأم واستشار الرشيد حاشيته فأشاروا بولاية العهد لابنه محمد الأمين، ولم يُبدِ البرامكة شيئًا من الرفض، إلا بعد عدة سنوات، لما رأوا نفوذ أم الأمين زبيدة، فعملوا على إرجاع فكرة ولاية العهد للمأمون في مجلس الرشيد، فاستغلوا قربهم من الرشيد ومنزلتهم عنده، ووجدوا بغيتهم في شخص المأمون الأخ الأكبر، ولكونه فارسي الأم، واستطاع البرامكة أن يجعلوا الرشيد يعقد البيعة لولده عبد الله المأمون، على أن تكون ولاية العهد له من بعد أخيه الأمين،
وعن وقت انتهاء نفوذهم، وتشريدهم، فدوام الحال من المحال، إذ إن التناغم بين البرامكة والشريد كان يثير استفزاز منافسيهم من الوزراء والحاشية، والحق بأن قصة نكبتهم وأحداثها غير واضحة تمامًا، إذ كثر فيها اللغط، وصار كلٌّ يروي بما يوافق هوه، دونما تثبت وتأكد من صحة القول، حتى أن بعضهم اتهم البرامكة بأنهم من الشيعة، ومنهم من قال بأنهم كانوا يؤثرون مصلحة العلويين على مصلحة الرشيد،
وأرجح ما قيل عن نكبة البرامكة، أن جعفر بن يحيى البرمكي قد فكّ أسر أحدهم، وكان من أهل البيت، فأشفق عليه جعفر وعلم بان سجنه لن يقل عن فك أسره لبرائته، فأوصل الخبرَ أحد وزراء الرشيد وهو الفضل بن ربيع، وكان يتحين الفرصة ليؤلب بين الرشيد والأسرة البرمكية، فضخم له الأم، وأشعره بان البرامكة يضمرون الشر له، فأدرك الرشيد بانه محاط بهم، فمال عليهم ميلة واحدة، وقتل جعفر وشرد البرامكة، وبذلك انتهى عهد تحكم البرامكة،
ويبقى السؤال متى ينتهى عصر برامكة الصعيد ومتى يقرر الرشيد التخلص منهم والاستماع الى الطرف الاخر وهو المواطنين في الشارع .