بالامس القريب تساءل الرئيس السيسي في معرض حديثه عند زيارته لقناة السويس، وهو ينظر الي وزير ماليته، قائلا: "لازم تعرفوا ان الجهد ده سيتضاعف، والشكيك هيبقي اكثر، طيب ليه؟ اقول لكم ليه؟ ..ثم سكت قليلا وسأل، قاصدا توجيه سؤاله للجميع: طيب نتصالح؟"
ثم عاد وسأل مباشرة وزير الماليه، الذي لاذ تماما بالصمت وهو في حرج شديد، مكتفيا برفع ذراعه الايمن فقط وكأنه يريد ان يقول، انا مليش دعوه بالموضوع ده خالص: نتصالح مع مين يا دكتور معيط؟
وبينما أخذ البعض حديث الرئيس إلي منحي الهزل، مدعيا أنه تحدث بطريقة غير مفهومه، في حين أن حديث الرئيس كان واضحا!. فالمتمعن أكثر في تحليل أحاديث الرئيس السيسي سيجد أنه أشار إلي مسألة التصالح هذه مرات كثيرة، وعلي فترات زمنية متقطعة مضت.
والمسأله هنا واضحه، فالرئيس يقصد من السؤال الذي طرحه بوضوح علي الملأ، انه هل من المجدي الآن أن يعقد الآن مصالحه مع جماعة الإخوان؟ مع الأخذ في الاعتبار المحاذير أو التحفظات التي قال عنها في ذات الحديث، إن التصالح معهم، أي الإخوان يعني، أنهم سيعودون ليعملوا في مساحه عشان ميعملوش كده، علي حد وصف سيادته، لكنه عاد وحذر في ذات الوقت من أن هذه المساحه ستكون إلي حين!.
وأنا أعذر البعض الذي لم يع جيدا ما قصده الرئيس، وإن كان واضحا ذلك للبعض الآخر، خاصة وأن حديث الرئيس هذا جاء قبل زيارته لدولة قطر ، في وقت تزامن ذلك مع سيل من رسائل الشكر إليه والثناء عليه، ممن يجوز أن نطلق عليهم رموز الاحزاب المدنية المعارضه في مصر، وذلك علي اثر صدور قرارت بالعفو عن بعض السجناء، و قرارات أخري اجتماعية .
إذن، نستطيع أن نقول إننا بتنا أمام مفصل تاريخي هام، نترفب معه مجريات ونتائج زيارة الرئيس لقطر، لنسأل بدرونا، أمام قلة المعلومات المتوافرة، وفي ضوء تساؤلات الرئيس ذاته أيضا، هل ستنجح دولة قطر في القيام بدور الوسيط بين الإخوان والسلطه، وتعقد هذه المصالحة، وهي دولة لها خبرة وباعا كبيرا في هذا الشان ، وسبق وأن نجحت في وساطات دوليه عديده مماثله؟ وإلي ماذا سينتهي الحال؟
من جانبي أعتقد أن المصالحة بين السلطة والإخوان آتية، آتيه لا ريب فيها، بقطر أو بدون قطر، اليوم أو غدا، أو بعد غد ، فهي تكاد أن تكون حتمية تاريخيه، رأيناها حدثت وعهدناها، خلال عصور وأحداث كثيرة مرت في بلادنا علي مدار أكثر من سبعين عاما مضت.
علي أي حال، إن ما يهمنا كمراقبين أو كمحللين للأحداث، في ملف المصالحة هذه أولا، أن يعود المغتربون بالخارج إلي وطنهم دون ملاحقة أمنية، وأن تتوقف حملات الكره المتبادلة، وأن تنتهي أحداث العنف التي والحمد لله تكاد أن تنعدم، والتي عاشتها سابقا، بلادنا إلي غير رجعة، وأن تلغي كافة القوانين الاستثنائية التي صدرت والتي انتقصت كثيرا من الحريات في بلادنا علي مدار السنوات الماضية.
لكن يبقي السؤال الذي نترقب إجابته:
تري ماذا بعد هذه المصالحه، هل سيعود الإخوان كمتحالفين مع السلطة، للعمل ضد الأحزاب والقوي المدنية، ولو في الخفاء كما عهدناهم، ويكرروا ما حدث عندما تصالح معهم الرئيس الراحل السادات في مطلع السبعينيات؟ أم سيعود الاخوان مدعين أنهم دعاه فقط، ولا شان لهم بالسياسة؟ أم سيعودون، لينتظروا الصدفة التاريخية ليتحالفون مجددا ولو شكليا، مع الأحزاب والقوي المدنية كما حدث خلال أيام يناير وما بعدها من عام ٢٠١١، بهدف الوصول وحدهم مرة أخري لكراسي السلطه، وهو حلم لا شك أنه يراودهم، ولازالوا يرددونه حتي الآن؟
لنري، وفي قادم الايام، تكون الإجابات.
-------------------------------
بقلم: أسعد هيكل المحامي