26 - 06 - 2024

محمد أبو الغيط وأشجان جيل !

محمد أبو الغيط وأشجان جيل !

فجر رحيل الشاب محمد أبوالغيط أشجان جيله.

هو الطبيب الذي نعته نقابة الأطباء لأنه انتمي إليها وكانت تعتز بعضويته.

وهو الصحفي صاحب القلم والضمير الذي شهد له كل من زامله أو اقترب منه أو تابعه

لم يكن ابوالغيط مجرد واحدٍ من أميز أبناء هذا الجيل الذي ينتمي اليه،والذي نضج وعيه في ميادين ثورة يناير وما تلاها ، بل كان عنوان وجيعتهم. ليس في أسطورة مرضه ورحلته الطويلة وصموده الاستثنائي فقط، بل في تشخيصه دراما احوال هذا الجيل الذي يحفل بالنابغين والعاشقين لهذا الوطن. 

جميعهم من الشباب المفعم بالأمل،و المتميز في مهنته، وفي انحيازاته لهموم البسطاء الذين  اتوا منهم وانتموا اليهم. 

هم من أرهقتهم الأيام بحمول فوق طاقتهم،و اضناهم الشوق إلي مستقبل كلما تقدموا اليه يفر منهم.

والذين طالوا عنان السماء بأحلامهم،ثم سرعان ماوجدوا أنفسهم ينزلقون بغيرها الي هوة سحيقة ففقدوا اليقين لكنهم لم يفقدوا الضمير.

جاء الخلاص بالمرض أو بالرحيل و توقف نبض قلوب طاهرة و صادقة.

 أصبح خبر فرارهم إلي الموت مفجعا ومألوفًا معا.!

واذكر الرحيل الجماعي في يوم واحد لاحمد منسي و زكية هداية و رحاب بدوي،وبعدهم الكثير. وقبلهم جميعًا الزميل حازم دياب الصحفي الموهوب الذي سجل علي فراش مرضه اللعين، بقدرة و تمكن وألق و صفاء، بعض خواطره و بعض من دفئ قلبة تجاه الحياة ، وكأنه وحده كان يري قرب نهايته.

عشرات من بين أبناء هذا الجيل دفعوا حياتهم ثمنًا لرفض واقع مرير،مُثقل..قهر و سرق كل احلامهم.

لقد تساءل محمد ابوالغيط قبيل رحيله: " الكتابة هي أثري في الحياة، هي أهراماتي الخاصة، فإلى متى ستبقى منتصبة من بعدي؟.. الكتابة هي محاولتي لمغالبة الزمن والموت بأن يبقى اسمي أطول من عدد سنوات حياتي التافهة مقارنة بعمر الكون الشاسع المقدر حاليا بـ 14 مليار سنة….أعرف أني مهما عشت فإن حياتي، والعالم كله، كذرة غبار لا تُرى على شاطئ ذلك الكون الفسيح. لكن الكتابة قد تجعل ذرتي ألمع بين باقي الذرات على الأقل.. هذه صيحتي: محمد أبو الغيط مرَّ من هنا!”.

 هذة كانت صيحة أبوالغيط الاخيرة التي صُمت الآذان عن سماعها .. ورسائل هذا الجيل لا تصل لان من تقصدهم لا يعنيهم الأمر !

فهل يدرك الذين فرضوا كل هذا الحصار وأحكموا الخناق أن وطنًا هو من سيدفع الثمن من مستقبله لأننا نذهب اليه مجردين من أنبغ اصحابه وأصحاب المصلحة فيه. 

انها إرادة التخريب وغشم وغرور القوة التي ربما تتغلب إلى حين، لكن مشيئة الله وإرادة دفع الناس بعضهم لبعض هي التي تذهب بالحياة دائما الى الأمام ، و هي التي تنتصر وتفرض حقائقها في النهاية.
---------------------------
بقلم: يحيى قلاش
* نقيب الصحفيين الأسبق

مقالات اخرى للكاتب

 الغزالي حرب وثقافة الاعتذار





اعلان