21 - 12 - 2024

مخَّراتُ الغضب

مخَّراتُ الغضب

(الذِئابُ هُم قادةُ القافلِة .. نحنُ في سَلَّةِ المُهملاتِ إذا انتصروا .. وإذا هُزِموا حمَّلونا هزيمَتَهُم كامِلة .. أيُّها الوطنُ المُبتلى بالقياداتِ خُنثى ومُسترجِلة : سَجِّل المَهزَلة)- مُظَّفَر النواب.  

بعد سنواتٍ من البطش والتفريط والتمثيل .. تَغَّيَر فيها كلُ شئٍ .. بَدَأَتْ ببيع الأوهام وانتهت ببيع الأصول .. حتى الأحلام تقلصت ليصبح أكبر حلمٍ للدولة هو النجاح فى الحصول على قرضٍ تُسدد به جزءاً من فوائد القروض القديمة .. تَغَّيَر كلُّ شئٍ إلا كتالوج الإلهاء الذى تهَّرأَت أوراقه من كثرة استخدامها ولم تَعُد تنطلى على أى مواطنٍ متوسط الذكاء .. بدءاً بلَوْم المصريين وتحميلهم مسؤولية تَرَّدى الأوضاع .. مروراً باختيار بعض الوزراء السكرتارية ككباش فداء يمارس عليها نُوَّابُ النظام عنترياتهم المسرحية .. مع بعض المعارك المفتعلة والموسمية المتكررة عن الماضى بعيداً عن الحاضر .. مصارفُ للتنفيس عن الغضب وتوجيهه بعيداً عن الأسباب الحقيقية لما نحن فيه .. مخَّرات .. كتلك التى تُرَّوضُ حِدَّة السيول.

فى هذا السياق .. وبينما البلد تضيع وتُباع بالمعنى الحقيقى لا المجازى، وشبح إسماعيل يجثم على صدر مصر، جاءنى أحدهم يدعونى لمقاطعة الدواجن كعقابٍ للتجار على ارتفاع الأسعار .. قلتُ له: (لماذا تجار الدواجن بالذات؟ .. لماذا لا نقاطع اللحوم والألبان والخضراوات .. بل والعدس والفول والطعمية؟ .. لقد ارتفعت أسعار كل شئٍ .. فهل نقاطع كل شئٍ؟ .. أَهِىَ دعوةٌ للعصيان المدنى؟) .. فارتجف الرجل، فهذا سقفٌ أعلى كثيراً من المعركة المجانية التى استعد لها .. وأكملتُ: وهل التجار هم سببُ ما نحن فيه؟ .. هل انفرد التجار بقرارات الاقتراض اللامسؤول لهذه المبالغ الكارثية "اقتراض من لا يخشى المحاسبة"؟ .. ثم هل قام التجار بالإنفاق السفيه لهذه القروض بعد ذلك؟ .. وهل التجار هم مَنْ قاموا باعتقال كُلِّ مَن حَذَّرَ من هذه السياسات بتهمة تكدير السِلْم العام؟ .. التجار ضحايا (معنا) لا جُناة .. فالتضخم يصيب البائع والمشترى .. (أتحدث هنا فى العموم لا الاستثناءات) .. دعوا التجار فى مصيبتهم ولا تستسهلوا رَمْىَ السهام بعيداً عن الهدف، واتهامَ الضحية خشية الجانى الحقيقى .. مثل هذه الدعوات (مُوَّجَهَةٌ أو بحُسْن نِيَّة) هى مخَّراتٌ للغضب .. تُوَّجِهُهُه لغير الوِجهة الواجبة .. تُشَّتِتُ السهامَ بعيداً عن لوحة التنشين .. نَشِّنْت يا فالح (مع الاعتذار استيفان روستى).
-------------------------------
بقلم: مهندس/ يحيى حسين عبد الهادى

مقالات اخرى للكاتب

بل يجب الإفراج عن الجميع بمن فيهم الإخوان