27 - 09 - 2024

(عَبُورة) .. والمستشار علاء العطار !

(عَبُورة) .. والمستشار علاء العطار !

من الصالوناتِ المُنافِسَة لصالون مولانا عبد العظيم أبو صالح صالون د. محمد علي معروف الباحث بالمركز القومي للبحوث، وإن كانَ لكلٍ اهتماماتُه ومريدوه .

فلو قُلنا إن صالون آل صالح (شعبوي)، يضم كلَّ الأطياف، يجلسون جميعا علي حصيرٍ واحد .. البصمجي الذي لا يعرف الألف من كوز الذرة إلي جانبِ المهندس والطبيب، وخفيرُ الدرك بجوار شيخ البلد، والفلاح إلي جانب الحِرفي، حيث يبحث الجميع عن الابتسامة؛ لرسمها علي الوجوه، التي رانَ عليها الغمُّ بسبب مرارةِ الأيام وشدةِ الغلاء، ويحرص روادُ الصالون فيما يحرصون أيضا علي حضورِ مجالس الشيخ عبد العظيم العُرفية، التي يُقَوِّم فيها سلوكَ المرأة الناشز، ويردُ خلالها المُطلَقة، ويساعد في جلب الحبيب.

أقول إذا كان هذا هو حال صالون الشيخ عبد العظيم، فإن صالون د. محمد علي يضم الطبقة البرجوازية، ويهتمُ بالجانب الخَدَمِّي، وأعمال البرِّ، ومساعدة الفقراء والمحتاجين .

والحقيقةُ أن رواد الصالونين يتنقلون بينهما في سهولة ويُسر، بيد أنه لا توجد بينهما حواجزُ طبقية أو فكرية، فهم في كلِّ وادٍ يهيمون بحثا عن الابتسامة، التي تضيء الوجوه الكالحة، وأحيانا ليشهدوا منافع لهم !

واللافت أنَّ من روادِ الصالونين أو المؤسسين لهما محمد هيكل الشهير بـ(عَبورة)، فبلا مُنازِع هو (قَيِّم) صالون الشيخ عبدالعظيم، يفدُ إلي مَقره قبل غَطسةِ الشمس، يكنس أرضيته، ويرش الماء لترطيب المكان، ويفرشُ الحصير، ويرص وسائد قش الأرز، ويملأ زير المياه، والقِلال الفخارية بمياه محطة التنقية، بعدها يملأ مجموعة جراكن يتقاضي عن كل جركن جنيهين، وأحيانا يمنحه (الزبون الصُقع) ورقة بخمسة، وفي آخر السهرة يهرع إلي صيدلية كابتن معاطي ليُجَمِد ما حصَّله بأوراق من البنكنوت الجديدة، يدسها في جيبه .

ولمن لا يعرف فقد التحق (عَبورة) بالخدمة في صالون الشيخ عبد العظيم، وهو يُعاني ثِقلا في الكلام، وصعوبة في النطق، فيتكلم بكلام لا يكاد يبين، فيقول لـ(عليوة) أهلاوي، ويسمي وجبة الطعام (وربة)، وقَصِة دوجلاس(دولاس)، ورغما عن هذا فهو عبقري في الحساب، والجمع والطرح، وماكينة في عَدِّ الفلوس، خاصة التي تدخل جيبه، فيقفل عليها بـ(الضبة والمفتاح)، لدرجة أنه ذاع في العالَمين أن الجنيه، الذي يدخل جيبه لا يخرج إلا بخلع الضرس .

بين أشبال آل صالح (اتدردح) عَبورة، وصار يُشارك الحضور في القفشات والنكات، رغم أنه لا يسمع، فيعرف ما يقولون من حركة (الشفايف)، وأؤكد أن القادم بالنسبة لـ(عبورة) أفضل، وربما نسمع أنه يرطُن باللغات، ويُحيِّي الناس بـ(جود مورننج)، و(بونجور)، أو كاليميرا !

أقول .. إن كان(عبورة) هو قيِّم صالون آل صالح، فإنه كذلك من ذوي الكلمة المسموعة في صالون آل معروف، خاصة أنه ابن عمة د. محمد صاحب صالون المعارفة، وبالتالي فهو وريثٌ بحق، ولا يُزايد علي ذلك أحد .

ومِن ذوي الكلمة المسموعة في صالون آل معروف أيضا ا. علاء العطار، الذي يُناديه الكل لضلاعته في القانون خاصة المدني والجنائي والتجاري، وحتي الأحوال الشخصية بمعالي المستشار، حيث تفوق شهرته شهرة الباز أفندي، والذي كان ساقط توجيهية، ووكيل أعمال، وسمسار مراكب وقباني وبالعكس !

قَدِمَ عبورة يوما إلي صالون ابن خاله، فأسالتْ كراتينُ الصدقات وشنط رمضان لُعابه، فمنَّي نفسه بالفوز بشنطة وكرتونة ليحشرهما في سَحَّارة الكنبة التي ينام عليها، ويقفل عليهما بـ(الرَّزة والمفتاح) .

فاقترب من المستشار (عناء خطار) بابتسامة تملأ مُحياه، وقال عم (عَناء)، يقصِد علاء : عاوز (كنتونة) يعني كرتونة وشنطة، فلم يلتفتْ له ا. علاء لانشغاله بمُكالمة تليفونية مع أحد موكليه (الصُقع)، فكرر عم عناء .. عم عناء، فقطع أ. علاء مكالمته وصاح بأعلي صوته : يا داهية عمك عناء السودة .

وأ. علاء العطار أهلاوي صميم، ومُشجِع للأهلي مُتعصِب، صادف يوما أن كانت هناك مباراة للأهلي وفيوتشر، فجلس وكأنَّ علي رأسه الطير، يلطُم خده علي فُرص الأهلي الضائعة، ويُخانِق (دبان وشه)، فدخل عبورة يحييه : إزيك ياعم عناء، فصاح : عمك عَناء زي الزفت ياخوي .. زي الزفت !
------------------------------
بقلم: صبري الموجي


مقالات اخرى للكاتب

جزاء سنمار !