27 - 06 - 2024

دومه وحراره، والمظلومين .. لهم حق التعويض

دومه وحراره، والمظلومين .. لهم حق التعويض

صورة أحمد دومه وهو يلتقي أحمد حرارة، بعد خروج الأول من السجن بالأمس، بعد أن شمله قرار عفو رئاسي، صورة، تبدو جميلة ومفرحة، لكنها في الحقيقة صورة مؤلمة ومحزنة.

فالأول دفع عشر سنوات من زهرة شباب عمره، غاب خلالها خلف جدران السجون، والثاني دفع نور عينيه، وغاب بصره عن الوجود، والاثنان ومعهما كل ثوار 25 يناير كانوا يحلمون لبلادهم بالعيش الكريم والحرية والعدالة الاجتماعية. 

دفع الاثنان هذا الثمن الجسيم، ودفع الآلاف غيرهم من شباب مصر ثمنا فادحا من ارواحهم ودمائهم وحرياتهم في ثورة ٢٥ يناير، من أجل أن يروا مستقبلا أفضل لبلادهم.

وبمناسبة العفو عن أحمد دومه وخروجه من السجن صباح يوم السبت الموافق ١٩ اغسطس من عام ٢٠٢٣ والذي كان محبوسا أيضا في عهد الاخوان. 

أتذكر أن دومه حادثني في بدايات عام ٢٠١٣  ليلة استدعائه للتحقيق معه في طنطا، حين كان المستشار أيمن الورداني حينها المحامي العام لنيابات طنطا، بتهمة إهانة الرئيس مرسي، وقد بان لنا بعد ذلك أن الورداني محسوب على الإخوان.

قلت لدومه:  للأسف يا بني سيحبسك الاخوان.

دومه ذهب بالفعل، وصدر أمر بحبسه علي ذمة القضية، ثم قدم للمحاكمه في طنطا، بعدها أحيلت القضية للقاهرة وقد تشرفت فيها بالدفاع عنه مع المرحوم الأستاذ سيد فتحي والأستاذ علي سليمان، وزملاء من المحامين الفضلاء الآخرين، وصدر الحكم فيها ضده كما توقعنا بالحبس لمدة ستة شهور.

ثم كانت أول مظاهرة تقريبا، توجهت لقصر الاتحاديه، بعد تولي الرئيس الراحل محمد مرسي تطالب بإخلاء سبيل دومه ومعتقلين آخرين،  في يوليو أو أغسطس تقريبا من عام ٢٠١٢، وكنت مشاركا بها، وكانت أيضا نواره نجم مشاركة فيها مع كثير من شباب الثورة 

ليلتها، طفنا حول القصر، نهتف ونناشد الرئيس مرسي، إخلاء سبيل دومه، وغيره الكثير من شباب الثورة الذين كانوا حينها رهن الاعتقال، إلا أن أحدًا من الإخوان لم يستجب، وظل دومه لعدة شهور محبوسا يقضي عقوبة كان متهماً فيها بإهانة مندوب الإخوان في القصر!

ثم كان حبس دومه للمرة الثانيه، حينما استحضرت بعد 30 يونيو 2013 قضية أحداث اعتصام مجلس الوزراء، لتقدم للقضاء، وكان بها مئات المتهمين من شباب 25يناير الذي كانوا يرفضون تحالف الإخوان والمجلس العسكري حينذاك، ويعتصمون امام مجلس الوزراء في ديسمبر 2012 رفضا لقرار المجلس العسكري الحاكم، تعيين  كمال الجنزوري رجل مبارك في التسعينيات،  رئيسا للوزراء، وهو أول من فرط في ثروات مصر وباع شركات ومصانع القطاع العام بأبخس الاثمان، وشرد العمال.

بعد ٣٠ يونيو ٢٠١٣ جاءوا بالقضية مجددا وقدمت للقضاء، ليقضي فيها القاضي السابق الشهير محمد ناجي شحاته، علي أحمد دومه وشباب كثر غيره آخرين ، بأحكام قاسية وجائرة وصلت للسجن المؤبد بحق بعضهم.

والآن خرج القاضي شحاته إلي المعاش، ولا ندري أين هو ال’ن، وإن كنت اعتقد انه يجلس الان في بيته يري ويتذكر، ويفكر في آثار، ومآل ما أصدره من أحكام.

خرج الآن دومه من سجنه بعد عشر سنين، بعفو رئاسي، لكن برأيي أنه لا يكفي العفو، بل يجب له التعويض، ليس لدومه فقط، بل لكل من وقع عليه ظلم.

فلدينا دستور، أقسم أمام الله علي احترامه، كل من رغب وتقدم بإرادته مختارا وحمل المسئوليه، ونحن كشعب لا نريد من أصحاب السلطه، الذين اقسموا بالله، سوى أن يبروا بقسمهم ولا يحنثون.

لا نريد منكم سوي تطبيق الماده ٢٤١ من الدستور بكل مشتملاتها والتي تقول: "يلتزم مجلس النواب فى أول دور انعقاد له بعد نفاذ هذا الدستور بإصدار قانون للعدالة الانتقالية يكفل كشف الحقيقة، والمحاسبة، واقتراح أطر المصالحة الوطنية، وتعويض الضحايا، وذلك وفقاً للمعايير الدولية". 

لقد تأخر كثيراً، تحقيق العدالة الانتقالية، وكشف الحقيقة والمحاسبة، وتعويض الضحايا في مصر، منذ عهد مبارك ومرورا بعهد المجلس العسكري، والاخوان، وحتي عهد الرئيس السيسي.

تاني نكرر، قرار العفو فقط، عن دومه وغيره، من المعتقلين لا يكفي، نريد كشف حقيقة ما حدث، ومحاسبة المخطئين وتعويض الضحايا، الذين وقع عليهم ظلم كبير، إن ذلك قدر يسير ننشده من العدل، والعدل اساس الملك.

فهل يبر الذين أقسموا بالله علي احترام الدستور بقسمهم، وينفذوا عهده الله، الذي تعهدوا به، أمام الله، ثم أمام الشعب؟
-----------------------------
بقلم: أسعد هيكل المحامي

مقالات اخرى للكاتب

دومه وحراره، والمظلومين .. لهم حق التعويض





اعلان