27 - 06 - 2024

جرح فلسطين.. بين مغامرات شيرين وياسمين

جرح فلسطين.. بين مغامرات شيرين وياسمين

كعاداتي فى يوم شتوى كالح وحزين اقضى كل ما املك من وقت اللهاث وراء قنوات الأخبار العربية والعالمية أبحث عن خبر سعيد، عن أناس تركوا كل ما يملكون وأصبحوا نازحين فى وطنهم ولاجئين على أراضيهم وعن أطفال شاخوا وشاخت أحلامهم، ورجال غلبتهم دموعهم وهم كالجبال الأوتاد وعن نساء يصرخون ويبحثون عن عمر وعن القعقاع، وعن شيوخ جلسوا أسفل جدار مهدوم يرجعون بذاكرتهم للنكبة الأولى والنكسة الأولى ودفتر الخيانات التى لاتنتهى.

تأتي المذيعة وتقول "إن عدد شهداء غزة يقترب من الـ 27 ألف شهيد و60 ألف مصاب وهى أيضا مغلوبه على أمرها ولا حول لها ولا قوه وتزداد الأرقام وأصبح الشهيد رقما والمنزل المهجور المهدوم صورة وأصبحت الرجولة فى حياتنا بحاجة إلى من يداويها.

وأمكث أنا ووالدتي نتبادل الحزن والمقاعد وبائع "الفول" يقطع ذهولنا بصوته ليخبرنا أنه قد حضر وأنزل مسرعا أسأله بكم تبيع؟ فيقول بأي ثمن وقد تكالب عليه المشترون، ثم أعود إلى مقعدى وشاشتى التى لا أفارقها.

مرة واحدة يدخل إلى بيتنا مسرعا ابن عم عائد لتوه من بلاد الإبل والنفط والترفيه، وهو الحاصل على مؤهل جامعى محترم، يدخل مسرعا ليقطع حديث المذيعة ذات الصوت العربى الشجي "خديجة بن قنة" ويرفع صوته فى حدة "ما سمعتوش؟ ولا عرفتهوش؟" دى الدنيا مقلوبة على صفحات التواصل.

قمت بخفض صوت التلفاز ومتوقعا حدثا جلل أو مفرحا يطفىء لظى القلب وقلة الحيلة حاضر من بلاد الأقصى وغزة هاشم، فكان جديده مزلزلا.

قال لى ابن عمى "اسماعيل": امسكوا أعصابكم، أحمد العوضى وياسمين عبدالعزيز انفصلا، والدنيا مقلوبة ومش عارف مين خان مين؟ ومين ظلم مين؟ ومين كاتب عن مين؟ والدنيا مقسومة بين مشجعي ياسمين ومشجعي العوضي، نظرت إليه وكلى حسرة على شباب وبلاد باتت تستقى جدها من تفاهتها وتروى شجنها بقصص راقصيها. 

ذهبت أتابع صفحات التوصل ووجدت حدث "اسماعيل" الذى أخبرنى به أصبح ترند على مدار أيام، بل تطور حيث مرض العوضي فجأة ودخل إلى المستشفى وقررت ياسمين أن تزوره، لينفجر التواصل الاجتماعى عن الحب الذى لاينتهى.

قبلها ظللنا ثلاثة اعوام نتابع سبب غضب الرائعة "شيرين" من مطرب لم أسمع له أغنية أنا أو غيرى كان زوجا لها، ثم قررا الانفصال وعادا وانفصلا وعادا وانفصلا وعادا وبينهما دراما بلاغات ومصحات وباتت قصة شيرين وحسام لا تغادرنا مطلقا، وبات لكل منهما فريقه ومنهم من أحضر شقيقه والآخر أحضر والده، وكبرت القصة وأصبحنا أمة ضحكت من ضحالتها أمم.

لن أسير فى ركب أن هناك مخرج مبتديء يقف وراء هذه القصص الواهية التى تشغل بال العامة أو حتى المثقفين، ولن أقتنع أنها صدفة ووقتها صدفة وهدفها أصبح صدفه في إشغالنا دون جدوى.

إذن ماذا عن السنوار والضيف ومروان عيسى الذين يدافعون عن شرف الأمة من تحت الأرض وعلى بعد أمتار فقط من حدودنا، ماذا عن نساء تعرت وتعرت معها الأمة وأطفال تيتموا وتيتم معهم أملنا ومستقبلنا. 

فقط رسالتى بسيطة تقول: ألا من رجل رشيد فى هذه المدينة يقول كفى هيافة وكفى اللعب مع الصغار، وكفى الجرى بعيدا عن ثوابتنا والهروب منها من أجل خلق جيل لا يعرف أين يقع محور "فلادلفيا" الذى قال سيء الذكر وحاكم الكيان الصهيونى أنه قرر أن يغزوه، خلق جيل لا يعرف أين تقع فلسطين ولماذا نحن غاضبون؟

 أفيقوا قبل فوات الأوان، حتما عند حدوث حريق فى شقة جار لك ستشتم رائحة الدخان وربما من أشعلها كان يقصد أن يصلك دخانها. 

يا ساده يا كرام، قفوا حدادا على بلد تقاوم الموت من 80 عاما، قفوا حدادا على جرح فلسطين، ولا تهتموا كثيرا بغراميات شيرين وياسمين.
----------------------------
بقلم: عادل عبدالحفيظ

مقالات اخرى للكاتب

دم المهندسة أسماء فى رقبة من؟





اعلان