29 - 04 - 2024

جنادل أسوان التي سحرت هيرودوت وابن خلدون

جنادل أسوان التي سحرت هيرودوت وابن خلدون

يبلغ طول نهر النيل 6670 كم، ويمتد داخل مصر وحدها مسافة تقدر بـ1536 كم، لكنه لم يعط سحر جماله ورعه منظره وبهاء طلته التي شهد بها القاصي والداني بقدر ما وهبها لمدينة أسوان، حيث "الجنادل التي بها نزهة من نزه الدنيا، بهجة المنظر كأنها مقطعات تيل" كما وصفها المؤرخ ثعلب بن جعفر الإدفوي، في القرن السادس الهجري، فلم يمر على مصر رحالة أو مؤرخ من هيرودوت مرورا ابن خلدون وابن بطوطة وإلا وفتنته تلك الجنادل الشامخة وسط نيل أسوان بتركيبتها المتفردة، وكتب عن جمالها.

 ويقول الدكتور زكريا الهميمي أستاذ الجيولوجيا بجامعة بنها أن الجنادل هي عبارة عن صخور صلبة يعجز مجرى نهر النيل عن نحتها، فتصعد المياه فوقها أحيانا وتستمر في جريانها، فتشكل ظاهرة أشبه بالسدّ الغاطس، فيكون جريان الماء أشبه بالشلال ويسمى الجندلة، أو تستعصي تلك الجنادل على المياه فتظل بارزة ذلك كما هو بالجنادل الستة بأسوان. 

 وتتكون هذه الجنادل من معدنين أو ثلاثة، مما يجعلها مقاومة للحرارة والتمدد، وبالتالي يعجز الماء عن تفتيتها، وتكون عادة صخور نارية أو صخور متحولة. ويستفاد منها في بناء السدود الغاطسة أو السدود الخازنة للمياه.

 وتنشأ الجنادل عندما تعترض الصخور الصلبة مجرى نهر، فيتفادها النهر ناحتا في الصخور اللينة على جانبه، فتبقى الصخور الصلبة شامخة مجبرة النيل للانحناء لها، وتنشأ الجنادل جيولوجيا أيضا نتيجة لاختلاف في طبيعة الصخور التي يتركب منها قاع المجرى النهري، فالصخور الصلبة تقاوم عملية النحت بجميع صوره، بينما تتآكل الصخور اللينة، ومن ثم تبقى الصخور الصلبة بارزة تعترض سير المياه، وتتوفر الجنادل في المناطق القديمة التكوين للأنهار، ولا تتكون في المناطق الجديدة التكوين، مثلما هو الأمر في جنادل أسوان.

ودائما ما ترتبط ظاهرة الشلالات بظاهرة الجنادل، التي توجد عادة إلى الأعلى أو إلى الأسفل من مواقع الشلالات في الأنهار، التي تحدث نتيجة إلى وجود هبوط مفاجئ في مجرى النهر، وأحيانا توجد الجنادل وحدها كما هو حادث في جنادل أسوان فهي عبارة عن صخور تعترض مجرى النيل الذي يجري فيه التيار المائي بسرعة كبيرة، ولكن لفقدان هذه المنطقة الانحدار الشديد، لم تتكون الشلالات وبقيت الجنادل وحدها.  

ومن أشهر الجنادل النهرية بالعالم الجنادل الستة التي تعترض نهر النيل التي تبدأ من الجندل الأول في الخرطوم وتنهي بالجندل الأخير في أسوان ويصف جمال حمدان   الجندل السادس والذي يقع جنوب أسوان بنحو 7 كم، بأنه من أكبر خوانق نهر النيل يتكون أسراب متواصلة أو أرخبيلات نهرية من الصخور تعترض مجرى النهر دون سقوط. وهو من أجمل الجنادل في مدينة أسوان وتدور حوله المراكب النيلة السياحية، مقسمة مجرى نهر النيل لأكثر من مجرى.






اعلان