29 - 04 - 2024

مؤشرات | الهدر في القمح ورؤية علمية لأمننا الغذائي والمائي (1- 2)

مؤشرات | الهدر في القمح ورؤية علمية لأمننا الغذائي والمائي (1- 2)

في محاضرة مهمة حول هدر وفقد الطعام وأثره علي الأمن المائي والغذائي، طرح الصديق العزيز الدكتور اشرف عمران رئيس مجلس إدارة‎ ‎المجلس العربي للأمن المائى والغذائى، معلومات وأرقام مهمة عن ملف في غايته الأهمية عن الهدر في الماء والغذاء في مصر والعالم، وهو الأمر الذي يتطلب خطة مواجهة تتعاون فيها كل الجهات للحفاظ على أمننا المائي والغذائي في ظل أزمات تواجهها الدولة المصرية، وهي لا تخفى على أحد.

طرح الدكتور عمران خلال محاضرته في ندوة شارك فيها كثير من العلماء والمتخصصين، أرقاما لابد من التوقف عندها، حيث أشار لدراسة عملية شارك فيها إلى جانب متخصصين آخرين، موضحا أن لنتيجة البحث  علي الواقع بزيارات عديدة لمصادر الانتاج والحصاد والتخزين والتداول وغيرها، وجدنا قيمة الفقدوالهدر مجتمعين في محصول القمح  في مصر وصل الي 48%، ورغم ذلك ليس مستحيلا تحقيق الاكتفاء الذاتي  النسبي، من خلال حسن الإدارة وتطبيق مفهوم صحيح للإدارة لاننا نستورد بقدر ماننتج وكمية الهدر نصف ما نستورد ونصل للاكتفاء الذاتي بطرق عديدة ولكن تحتاج الي إدارة وإرادة.

وسلسلة الفقد تبدأ من  مساحة زراعات قليلة ومتوسطة  الأرض وهذا يزيد من كمية الفقد، بخلاف اتباع الجمع اليدوي للمحصول، فإحصائيات الفقد في الجمع فاق 13%، ثم التخزين علي رأس "الغيط" وفي "الغيط" أو الأرض والتداول المبدئي يصل بالهدر إلي 15%  أي المجموع 28%.

ومن سلسلة الهدر، تمتد إلى نقل المحصول إلي الشونة أي مستودع التجميع وأيضا التسريب من التوزيع إلي أصحاب محلات الحلوي وتجار القمح يؤخذ من الأرض إلي صوامعه ليعاد بيعه للدولة من المستوردين بسعر الاستيراد الذي يفوق أسعار المحلي ثم توزيع الحصص المخصصة  للأفران أو المخابز، ثم إلى إنتاج الرغيف بالفرن بالنظام البلدي مما يؤدي لسوء التسوية ونسب كبيرة ليست كاملة الاستدارة ومصير التالف من الخبز ليتحول إلى أعلاف للحيوان.

ونوه إلى أنه يتم إلقاء 150  مليون رغيف سنويا غير منتظم الشكل للحيوانات، وغير ذلك من وسائل الهدر التي ترفع نسب الفقد حتي 48% من إجمالي الاستهلاك، وهذا علي سبيل المثال وليس الحصر من أمثلة الفقد.

وإن كان هذا من المنظور الكمي، فأما من ناحية منظور الأسعار فاستلام الكمية من القمح من المزارعين  للوزارة تحسب بنصف السعر المستورد وهنا يفقد المزارعون الرغبة في الزراعة ولتلك الأسباب تعتبر مصر أكبر مستورد للقمح بالعالم.

وفقدان الغذاء يشمل انخفاض الكميات المنتجة وقلة الجودة ولسوء التداول طبقا لمعايير الجودة سواء إنتاج البروتين وتشمل تربية الحيوان ومصايد والاستزراع السمكي ونسبة كبيرة أقل في جودتها فتكون درجة ثانية فتقل قيمتها الغذائية وبالتالي تقل القيمة النقدية والدرجة الفاسدة تذهب كمخلفات عضوية.

ويلفت الدكتور أشرف عمران إلى أن ما تم ذكره في الفقد يشمل كل عناصر الغذاء، فعلي سبيل المثال وليس الحصر فإن الفقد في الحبوب  تصل نسبته  إلي 30%، والمحاصيل الجذرية من الخضروات والفواكه تصل نسبة الفقد فيها إلي 40%، وفي البذور الزيتية تصل الي 20%، وفي اللحوم والأسماك والألبان تصل نسبتها 35%.

وتختلف تلك النسب من بلد لأخرى ولكن طبقا الإحصائيات  في المجمل تتعدي نسبة الفقد 40% من منظومة الغذاء العالمي، وهذا يشكل هدرا مائيا ليس له حدود.

وطرح دكتور عمران أرقاما ملفتة، حيث قال عند حساب تقييم الموارد الطبيعية يضعنا أمام أشكالية، فلكي تشرب فنجانا من القهوة يستدعي استهلاك 200 لتر مياه، ولتوفير لتر من الألبان يستهلك 1000 لتر مياه، والمعدلات العالمية تشير إلى أنه ولإنتاج 1 كيلو من اللحم البقري يستهلك من 17 ألف لتر إلي 20 ألف لتر مياه، ولزراعة هكتار أرض بالسعودية فيستهلك 40 ألف متر مكعب من المياه.

ويرى أن تصدير البرسيم رغم فرض ضرائب كرسوم للتصدير يعني أنه في الأصل يتم تصدير مياه افتراضي، لكثافة استهلاك المياه، وقد تتأرجح  نسب الهدر والفقد تللك النسبة طبقا لأزمات دولية أو تغيرات المناخ وهذا هو التحدي الاكبر خلال السنوات القادمة، وتغيير المناخ مسؤول عن تغيير خريطة الغذاء العالمية وهذا ما ذكر في أحد  الكتب المتعلقه بالبيئة منذ 15 سنة، في دراسة وتصور من خلال دراسة بالاستشعار عن بعد لرسم خريطة غذاء متوقعة وكانت أول مناقشة لها في سنغافورة.

والهدر في الموارد الطبيعية بالتلوث سواء  تلوث الهواء او المياه وأي تلوث بتعدد صوره يحدث خللا بالمنظومة البيئية ونتيجة خلل فيها يسبب خللا في منظومة الغذاء ويغير خريطة الغذاء بالعالم وهذا بسبب الإفراط في الهدر والفقد في إنتاج الغذاء.

 وطبقا للإحصائيات تنحصر نسبة الخسارة بين40% إلي 50% من إجمالي الطاقة الإنتاجية من الغذاء العالمي، وهنا يمثل فقر الفكر فكثير من البلدان ليس لديها العلم  كيفية الزراعة ولا التسميد ولا الرعاية للنبات ولا آليات الحصاد والجمعولا أي معاملات مابعد الحصاد مثل التعبئة والحفظ المبرد بدرجات تختلف حسب المحصول، خاصة وأن كثيرا من الدول لاتتبع إجراءات سلامة الغذاء.

هذا فقط عن أرقام في هدر الغذاء والماء، الأمر الذي يتطلب تكثيف الجهود ونحن في موسم حصاد توريد القمح لتقليل الفقد والهدر في منظومتنا والمنظومة العالمية للغذاء.

يتبع
------------------------------
بقلم: محمود الحضري

مقالات اخرى للكاتب

مؤشرات | الحد الأدني للأجور والشيطان في التفاصيل





اعلان