26 - 06 - 2024

عمر فتحي "ألفا" جيل السبعينيات ورائد الأغنية الشبابية

عمر فتحي

رصيده: 11 ألبوما إضافة لمسلسل وفيلم.. ورحل وعمره 34 عاما

عرفته من خلال الحفلات الجامعية منتصف الثمانينيات، عندما كنا نتعلم ونجري الأبحاث ونتردد على مكتبتي الكلية والجامعة المركزية، ولا يمنعنا ذلك من ممارسة النشاط الطلابي وإقامة الحفلات الفنية، بل والتردد على نجوم الغناء في بيوتهم والأستوديوهات الصوتية والتعرف عليهم وجها لوجه وكسب صداقتهم وجذبهم لتقديم حفلات يحضرها عدة آلاف من الشباب، فعلنا كل ذلك ونحن في أوائل العشرينات من العمر، أذكر جيدا ـ وكيف لا أذكر سنوات الشباب الأولى ـ أنني تعرفت على المطرب الألفا عمر فتحي ابن محافظة الأقصر، في كواليس حفل أقيم له في مسرح آداب عين شمس ضمن فقرات أشهر برنامج منوعات إذاعي عرفته مصر "الغلط فين" والذي كان يقدمه الإذاعي القدير علي فايق زغلول والذي طاف به ربوع مصر وكان يحقق أعلى نسبة استماع عرفتها الإذاعة المصرية بعد "على الناصية" للإذاعية الكبيرة آمال فهمي، كنت في كواليس المسرح بصفتي عضو إتحاد الطلاب وأمين إحدى اللجان، شاهدت عمر فتحي وهو يطل من فتحة صغيرة في ستار المسرح؛ ليلقي نظرة على جمهوره؛ فإذا به يقدر ب 6 آلاف طالب، رأيت دمعة من عينيه تفر رغما عنه؛ فسألته: ما الذي يبكيك واليوم يومك؟

قال: في يوم ما كان حلمي أن يسمعني 6 أفراد على مقهى شعبي، اليوم أنت تقول أن سعة المسرح لا تزيد أبدا عن ثلاثة آلاف طالب، وأن يحضر 6 آلاف أقول.. الحمد لله.. ثم سقطت دمعة أخرى من العين الثانية..

يومها أبكتني دموعه.. وأرجفتني..

تضاعف بكائي عندما علمت بأزمته الصحية التي اكتشفها صدفة، عندما قاده الإجهاد إلى مستشفى قريب من بيته في حي المهندسين، وفي نصف إفاقة استمع إلى ممرضتين تتحاكيان عن وجع قلبه الذي لن يطيل من حياته.. ولاحظوا أن قصته تتطابق مع فيلم أدمى قلوبنا للعندليب الأسمر عبد الحليم حافظ "حكاية حب"؛ فما بالك أنها قصة واقعية تحدث لمطرب لم يشبع بعد من النجاح.. أعطى ولم يحصد بعد.

العبقري صلاح جاهين

نقر مطمئنين بأن عمر فتحي أو (محمد عبد المنعم عبد الله جوهر الحجاجي) هو الرائد الحقيقي للأغنية الشبابية والاستعراضية في مصر والعالم العربي، هو من أطلق عليه صلاح جاهين لقب "ترافولتا العرب" أو بتعبير آخر كان هو "ألفا الجيل"، وهكذا كان يفعل الشاعر والصحفي والرسام والممثل ورئيس التحرير والسيناريست صلاح جاهين مع كل موهبة يستشعر بحاسته صدقها، فعلها مع رسامين وشعراء وممثلين ومطربين، كان يعطيهم خبرته وتجاربه قبل أن يمنحهم أشعاره مجانا محبة للفن ويقدمه بأبوة للموسيقار هاني شنودة ليقدم معه أول أغنياته المسجلة، بلا كلل ولا ملل من جانبه وعليهم الدور اليوم وأمس أن يقروا بفضل جاهين عليهم، احتضن جاهين هذا الموهوب الأسمر الذي رزق به الله مصر في نفس عام رحيل العندليب (1977) وهو يسبق بظهوره محمد منير وعمرو دياب وعلي الحجار رغم أنه بعيد تماما عن ملعبهم، وهو لاحق للمطرب الشاب عماد عبد الحليم، بل إنه هو الذي قدم منير والحجار لحفلات القوات المسلحة للغناء للجنود البواسل، وكان عمر أول من ارتدى الجينز والتي شيرت في حفلاته كما أنه أول مطرب يدخل الاستعراض في أغنياته وهو نجم فرقة رضا وفنان الموشحات "عجبا لغزال قتال عجبا" ألحان وأشعار العبقري فؤاد عبد المجيد، وأول من قدم ديو مع فرقة المصريينـ التي أسسها العبقري هاني شنودة وكانت بعنوان: "يسعد مساكي يا حياة" ـ  وكان بالمشاركة مع أختنا "شجون علي إسماعيل" إبنة الموسيقار والمايسترو علي إسماعيل..

على إيدك

هو أول من قدم سلسلة ألبومات تحمل عناوين تبدأ بحرف "على" ، على إيدك اتعلمنا وهي أشهر أغنياته على الإطلاق وكان من الوفاء الجميل أن غنتها شيرين عبد الوهاب وأحسنت الآداء، على سهوا.. الله عالعشرة معاك، الله يا أرق ملاك، على فكرة...6 ألبومات كاملة من أصل 11 ألبوم تركها لنا، وهي التي أخرج أغانيها الرئيسية "الهد بلغة سوق الكاسيت" تليفزيونيا أباه الروحي فتحي عبد الستار، وهي الأغنيات التي لا يتذكرها ماسبيرو أبدا، ومسلسل بعنوان "الليل والقمر" بطولته أمام شريهان، إضافة إلى فيلم سينمائي هو :"رحلة الشقاء والحب".. وكان هذا هو أفضل عنوان لسيرة حياته رغم أنه ويا للقدر يسمونه "صوت المرح" رغم حياته المعذبة..

الوفاة

تأتي وفاته في حكاية دراماتيكية تليق بالأساطير؛ بدأت عندما اكتشف أن ملابسه تختفي قطعة وراء الأخرى، تبعتها بعض المقتنيات النادرة، ثم كثيرا من النقود، وتأتي له خاطرة أن يراقب خادمة المنزل التي كان يستبعد خيانتها بسبب إغداقه المال عليها وكل ما تحتاج إليه؛ ولكنه يصدم، فهاهي تأخذ أشياءه وتلقي بها في سلة القمامة خارج شقته في المهندسين، ثم عند انتهائها من العمل تخرج خالية الوفاض ولكنها تأخذ المسروقات بصحبتها من السلة خارج المنزل، وينفعل لخيانة الأمانة وتضيق شرايينه، وينقل إلى المستشفي في حالة سيئة لتنتهي رحلته مع الحياة.. رحم الله مطرب من أجمل مامر على مصر، وندعو إلى تكريمه بشكل يليق بعطائه وريادته.

الميلاد: 11 فبراير 1952 الأقصر

الوفاة: 31 ديسمبر 1986 القاهرة
--------------------------------
حواديت يكتبها: طاهـر البهـي

 






اعلان