غيَّب الموت اليوم السبت الفنان التشكيلي حلمي التوني عن عمر يناهز التسعين عاما، بعد رحلة طويلة مع التصوير الزيتي والإخراج الصحفي، وتصميم أغلفة الكتب، خصوصا تلك التي تخاطب الأطفال.
حلمى عبد الحميد التوني ولد في 30 أبريل 1934 بمحافظة بني سويف، حصل على البكالوريوس من كلية الفنون الجميلة، تخصص ديكور مسرحي عام 1958 ودرس فنون الزخرفة والديكور، تولي العديد من المناصب، وأقام العديد من المعارض سواء محلية أو دولية، عاش بالقاهرة وبيروت والتي كانت زيارته الفنية لها لمدة 3 سنوات، ويقتني العديد من الناس في مختلف دول العالم الكثير من لوحاته، كما أنَّ متحف الفن المصري الحديث بالقاهرة يقتني أيضًا العديد من لوحاته القيمة.
شارك في العديد من المعارض الدولية في ألمانيا، والبرتغال واليابان ولبنان والعراق وسوريا. بلغ عدد أغلفة الكتب التي رسمها أكثر من ثلاثة آلاف كتاب غير المجلات التي رسم أغلفتها أيضا.ألف وصور العديد من كتب وملصقات الأطفال والتي نشرت بعدة لغات بواسطة المنظمات التابعة للأمم المتحدة. صمم العديد من الملصقات الحائطية للمسرحيات والأفلام.
صمم لمسرح العرائس شخصيات مسرحية (صحيح لما ينجح) التي ألفها صلاح جاهين. حصل على جائزة سوزان مبارك لرسم لكتب الأطفال 3 مرات، وعلى جائزة اليونيسيف عن ملصقه للعام الدولي للطفل عام 1979، وجائزة معرض بيروت الدولي للكتاب لمدة ثلاث سنوات متتالية من 1977 إلى 1979 وجائزة معرض بولونيا لكتاب الطفل عام 2002.
ونعى الناشر إبراهيم المعلم رئيس مجلس إدارة دار "الشروق" الراحل الكبير بأن كتب على صفحته الفيسبوكية: "حلمي التوني الصديق الحبيب ورفيق رحلة النشر ومعاناة إدراك النجاح، أحد أساتذة الفن التشكيلي والكِتاب والجريدة، وأحد أساطين وأساطير كتاب الطفل وأكثر من أثراه متعة وبهجة وفنا راقيا ممزوجا بالمعرفة والأصالة المنفتحة. الفنان المثقف والفيلسوف اللاذع الساخر الذي أسهم إسهامًا لا يبارى في مدرسته الرائدة في رسم وإخراج مئات الكتب ورسم آلاف الأغلفة وإخراج وتصميم الجرائد والمجلات، وفي معارضه المتميزة التي لم تنقطع حتى وهو يصارع المرض ويقاومه بالفن".
وأضاف المعلم أن التوني هو الفنان الذي حاز على عدد لايحصى من الجوائز الدولية والعربية،"كان يقول لي إنه يشعر بالخجل لبقائه بعد رحيل معظم الأحباء والأصدقاء، ويدعو الله ليتولاه برحمته. استجاب الله له وترك لنا الدعاء الحار له بالرحمة والمغفرة والعفو الكريم".
وكتب الفنان التشكيلي أحمد اللباد على صفحته: "يرحل آخر جيل الأسطوات الذي اخترعوا مشاريع حياة وإبداع مستقلة واسعة ومتفردة مع ارتباطها الأصلي بثقافة بلدهم وإيمانهم بها وبأهلها وبقضاياها الوطنية الثابتة، وسيكون علينا من الآن «تدبيق» مُعلمين مهنة وأساتذة من مناطق أصغر وأضيق بكثير. رحمة ورضا ونور على حلمي التوني وجيله الفارق".
وكتب الصجفي والباحث البارز في الشأن الثقافي سيد محمود: "فقدت مصر فنانا تشكيليا كبيرا وأحد أسطوات فن الاخراج الصحفي الذي ترك بصمات مميَّزة في صناعة الكتب وأعطى الكثير في مجال كتب الأطفال وظل يعمل حتى آخر أيامه بكل دأب لغرض إشاعة الجمال .كنت أشتري كتب التلوين التي أبدعها لإبنتيَّ، وخاصة "حلاوة زمان"، و"أجمل الحكايات الشعبية"، فأستعيد طفولتي معها. حاورتُه أكثر من مرة وفي كل مرة كانت تدهشني روحه اليقظة، ويدهشني اعتزازه بعمله مع أحمد بهاء الدين".