28 - 04 - 2025

الجلباب الصعيدي.. زيٌّ أصيل يتجدد عبر الأجيال

الجلباب الصعيدي.. زيٌّ أصيل يتجدد عبر الأجيال

يعد الجلباب الصعيدي من أهم العلامات المميزة للجنوبيين في مصر، فهو الزي الرسمي لهم، يلبسه الصغار منذ نعومة أظافرهم، حتى أن يبلغوا من الكبر عتيا، ولا يتنازلون عنه إلا للضرورة القصوى التي تتمثل في إجبار المؤسسات الحكومية للطلاب والموظفين على زي معين، فما أن ينتهوا من علمهم أو عملهم حتى يعودوا إلى جلابيبهم التي يجدون فيها راحتهم، ويكأنها نسجت من جلودهم فلم يرضوا ببديل عنها.

وفي مدينة إسنا جنوب الأقصر بالصعيد الأعلى، تنتشر العديد من ورش الخياطة الخاصة  بـ"الجلاب البلدي" و"الصديري" وهو ثوب قصير يغطِّي نصفَ الجسم الأعلى، مفتوح من الأمام يغلق بأزرار، لا طَوقَ له ولا كُمَّيْن يلبس تحت الجلباب البلدي، وأشهر محلات الخياطة بإسنا محل عم عيد الذي رغم صغر مساحة محله، فإن الزبائن تأتيه من محافظات بعيدة لتفصيل جلابيبهم لدقته في التفصيل

مراحل الخياطة

ويقول عم عيد أنه يعمل في هذه المهنة من 60 عاما منذ كان بعمر العاشرة، مضيفا أن "الجلابية تبدأ من 3 أمتار، دون الصديري الذي يأخذ نصف متر وحده.

ويشير عم عيد إلى أن الزبون يجلب لي القماش الذي يريده من محلات القماش المنتشرة بالمدينة، وهناك من يأخذ من الأقمشة التي يعرضها بمحله. 

وتبدأ مراحل تصنيع الجلابية بقياس القماش على الطول والعرض والأكمام، ثم تُفرد على الطاولة الخاصة للتفصيل والقص، ليتم وضعها بعد ذلك تحت إبرة ماكينة الخياطة، مضيفا أن القص يحتاج إلى نصف ساعة أي كان نوعها.

ويضيف أن اختيار نوع القماشة يأتي على حسب قدرات الشخص لافتا إلى أبرز أنواع الأقمشة السلكة والسيتيا، والقولت، والكشمير، وهي من أفخم الأنواع، ومن بعدهم تأتى الأقمشة الضعيفة.

ويلفت عم عيد إلى خياطة الجلابية يستغرق من ساعتين إلى ساعتين ونصف، بينما ياقة الجلباب هي التي تأخذ وقتا طويلا، وتحتاج إلى صبر ودقة حيث تم تثبيت عروتها بالإبرة يدويا، وهو الأمر نفسه الذي يفعله في سيالة الجلابية، والسيالة الوهمية بها.

ويوضح عيد أن الصديري رغم صغر حجمه إلا إن خياطته تأخذ وقتا أكبر لأن أغلبه يتم خياطته يدويا.

الأسعار

ويشير عم عيد إلى أسعار تفصيل الجلاليب تختلف على حسب جودة القماشة، فكلما كانت جودتها أغلى ارتفع سعرها، موضحا أن بعض الجلاليب يكون قماشها غالية الثمن فتصل تكلفة القماش مع التفصيل 10 آلاف جنيه.

أشكال الجلباب

تتنوع أشكال الجلاليب البلدي فهناك ما  يطلق عليه الجلباب الإفرنجي وهو بنصف ياقة هو الأكثر انتشارا وهناك الياقة الكاملة التي تشبه ياقة القميص، كما أن أشكال الجلاب له موضات، تختلف من موسم لآخر حيث إن أشكاله غير ثابتة وتتطور، وتأتي التجديدات في الغالب في فتحة الجلابية، ويضيف عم عيد أن جلاليب الكبار في السن تكون عادة بأكمام واسعة جدا.

ونفي عم عيد أن تنقرض صناعة الجلاليب، مشيرا أنها ستظل إلى الأبد الزي الرسمي للصعايدة.

الموسم

في الأعياد يكثر الطلب على تفصيل الجلابيب، بسبب حرص الجميع على أن يقتنوا ملابس جديدة في هذا المواسم، بالإضافة إلى مواسم الأفراح التي تكون عادة بعد العيدين وبالتزامن مع الموالد الكبرى التي تقام في إسنا، حيث يسعى العرسان إلى تفصيل جملة من الجلاليب يصل عددها لواحد منهم 12 جلبابا.

العمة 

ولا يكتمل الزي الجنوبي بمصر دون العمة البيضاء، حيث هناك اعتقاد سائد بين الجنوبيين، وخاصة الكبار منهم، أن سيدنا إدريس عليه السلام هو أول من ارتدي العمة بعد أن قام بتعليم أبناء مصر الكتابة والقراءة وخياطة الأثواب، وقد يصل طول العمة إلى 3 أمتار تلف أعلى الرأس وبالأسفل من طاقية شبيكي، مصنوعة من القطن بها به فتحات كثيرة، وتبدو العمة دائما رمزا للرزانة والرجولة عند الصعايدة، وكانت تختص بها في القدم القبائل العربية التي عاشت في الجزيرة العربية وهاجرت إلى صعيد مصر في أزمنة قديمة.

ولا يلبس الشباب حاليا العمة في الجنوب، ويكتفون بوضع شملة صغيرة على أكتافهم، ولكن ما يصل أحدهم إلى الأربعين يضعها على رأسه إعلانا عن دخوله في طور من جديد من حياته ودع فيه طيش الشباب.