27 - 09 - 2024

في حضرة سيدنا الميدان.. "إسمه أيه؟

في حضرة سيدنا الميدان..

مساء الأربعاء 2 فبراير 2011، وبعد أن تمكن المعتصمون بميدان التحرير من صد هجمات الجمال والبغال والحمير التي حاولت اقتحامه ظهيرة نفس اليوم. تجمعت فلولها وحاولت الدخول مرة أخرى من ناحية ميدان عبد المنعم رياض ..  ولكن الثوار الرابضين فوق جسد ثورتهم / ميدانهم أبوا ألا تتلاشى أحلامهم ، وسطروا ملحمة في الذود عن وجودهم، استمرت حتى شروق اليوم التالي:

النساء وكبار السن يقرعون طبول الحرب باستخدام الطوب أو أية آلة معدنية يجدونها ملقاة بالميدان ... يضربون بها على الأسوار المعدنية التي تفصل أرصفة الميدان عن مجراه، فتخلق صوتا مدويا يقوي قلوب المتظاهرين وييعث الرعب في قلب الفلول.

مجموعات من الشباب يكسرون بلاطات الرصيف لقطع صغيرة يمكن للمتظاهرين الدفاع بها عن أنفسهم في مواجهة فلول الجمال والبغال والحمير المسلحين بالطوب والزلط وزجاجات المياه الغازية وتيل الفرامل وكسر الرخام.

مجموعات أخرى تقوم بحمل الحجارة التي تم تكسيرها من بلاطات الميدان وتضعها في متناول الشباب في المواجهة.

 مجموعة من الشباب يخلعون الألواح الصفيح لسور الجراج الكبير عند التقاء ش شامبليون وش قصر النيل لاستخدامها كحواجز لحماية من هم على خط المواجهة.

كثير من الشباب يقفون خلف تلك الحواجز يلقون بالحجارة على فلول الجمال والبغال والحمير.

 مجموعات اخرى من الشباب يحملون المصابين إلى المستشفيات الميدانية المتناثرة على أرصفة الميدان، أبطال المواجهة يقفون خلف الحواجز ويلقون بالحجارة على فلول الجمال والبغال والحمير.

 والأكثر شجاعة، كانوا يقفون فوق إحدى هيكلي سيارتي أمن مركزي محترقتين، ليلقون الحجارة على الفلول لمنعهم من التقدم صوب الميدان..

 أما الأكثر شجاعة  من كل شجعان الموقعة، كان شابا يقف فوق أعلى نقطة، فوق رافعة سيارة محترقة، قد تكون إحدى سيارات الإطفاء التي احترقت وخرجت من الخدمة، ولكن رافعتها ظلت مرفوعة بالميدان (مدد يا سيدنا الميدان .. مدد).

 كانت الإضاءة خافتة والموقف مرتبكا جدا فلم أستطع تحديد هوية تلك السيارة، ولا ملامح وجه ذلك الشاب الذي تسلقها ووقف فوق أعلى نقطة فيها.  كان مكشوفا تماما لكل الفلول في الجانب الآخر. لم يكن يهاجمهم، بل وقف فوق أعلى نقطة فاردا ذراعيه، يصيح باعلى صوته: مصر .. مصر .. الله أكبر .. الله أكبر.

 تركت ذلك المشهد، وذهبت مع بعض الشباب لإحضار بعض ألواح الصاج وحملها مع بعض الحجارة إلى خط المواجهة وعدت بعد حوالي ثلثي الساعة، فلم اجد ذلك الشاب في موقعه.

 فرغت أعلى نقطة من قوامه .. بينما امتلأت قلوب كل من كان على خط المواجهة جسارة.

 أغلب الظن أنه سقط شهيدا  في تلك الليلة .. رأيت –بعد ذلك- صورا لشهداء كثر مدونة أسماؤهم تحت صورهم، ولكنني لم أعرف أيا منهم كان ذلك الشاب الذي قدم روحه مقابل زرع الجسارة في قلوب كل من دافع عن الميدان في تلك الليلة (موقعة الجمل).

  اللهم أسكنه وكل شهداء الثورة فسيح جناتك.

ياترى اسمه أيه .. نفسي لما أموت، لو حصل ودخلت الجنة، يكون وجهه أول ما أرى فيها، أيا كان اسمه؛ محمد ولا عيسى ولا موسى ولا.......

لو كان حد فيكم حضر اللحظة دي، وعارف مين هو الشهيد دا، يقوليإسمه أيه؟

##

##

مقالات اخرى للكاتب

مينا بيشتغلني