26 - 06 - 2024

مجلس أعلى للفقر

مجلس أعلى للفقر

مصر الآن في حاجة إلى مجلس أعلى لمكافحة الفقر .. وبما أننا نعيش عصر المجالس المتخصصة التي لاتقدم ولا تؤخر وليس لهاأي فائدة أو هدف سوى صرف البدلات والانتقالات وعقد الندوات التي ينفق عليها مئات الآلاف في فنادق النجوم الخمسة .. فلماذا لايكون لدينا في مصر مجلس أعلى لمكافحة الفقر تكون مهمته الأولى والوحيدة هي القضاء على الفقر ومتابعة الحالات البائسة التي تموت كل يوم وكل ساعة بسبب الفقر المدقع ..

قد يقول قائل إن الدولة كلها بأجهزتها المختلفة تعمل من أجل التنمية والقضاء على الفقر .. نعم ولكن مازال في مصر الكثير من الفقراء الذين لاتصل إليهم هذه المجهودات ولاتصل إليها يد التنمية ولا تصل إليها الجمعيات الخيرية التي تسعى للظهور الإعلامي فقط أكثر من الوصول للفقير الحقيقي الذي يحتاج بالفعل للمساعدة المستمرة وليس لممجرد مبلغ مالي وينتهي الأمر مع التصوير في الفضائيات لتحصل الجهة المانحة على الشو الإعلامي ويبقى الفقير في فقره وهمه بقية حياته ..

كانت الزميلة منى هاشم قد أرسلت لى فيديو لحلقة من قناة الصعيد عن أسرة أصاب المرض أولادها بشكل جماعي حتى صاروا رجالا ونساء وكبروا مع المرض الغريب الذي أصابهم جميعا فجعلهم لايتحركون من مكانهم .. أما رب الأسرة فقد أصابه الوهن والكبر والعجز سواء لمرض أبنائه العضال أو لحالته المادية التي هى تحت الصفر وما يتقاضاه من الدولة مبلغ لايكفي لشراء "العيش الحاف" فقط لهذه الأسرة البائسةالفقيرة ..أما الأم فقد رسم الزمن تجاعيده على وجهها ورغم الألم والمحن تجدها مبتسمة تردد في ثقة عبارة واحدة هي "الحمد لله" ويبدو أن الفقراء فقط هم من يعرفون الله ويدركون أن شكره وحمده أهم ألف مرة من جمع الملايين في البنوك

ألا تحتاج مثل هذه الأسرة للمساعدة من الدولة وليس من الأفراد فقط .. ألا يستحق الأمر وجود جهة رسمية تتولى مساعدة هؤلاء من المحتاجين فعلا وليس من المدعين والنصابين والمتاجرين بآلامهم وآلام غيرهم ..ألا يستحق الأمر أن يصدر قرار بتشكيل مجلس أعلى لمكافحة الفقر بدلا من مجالس المرأة والطفل وحقوق الإنسان التي لم تقدم لمصر ولا للمصريين شيئا سوى التضليل الإعلامي وترديد شعارات فقط لاتسمن ولاتغنى من فقر أو جوع

ألا يستحق الأمر أن يكون هناك مجلس أعلى لمكافحة الفقر كما يوجد مجلس لشهداء ومصابي الثورة الذين حصلوا على أموال ليست من حقهم بزعم المشاركة في الثورة وأعتقد أن حالات النصب التي تمت باسم الثورة ليست في حاجة لذكرها وهناك الكثير من البلطجية والمسجلين استفادوا من هذا المجلس وصرفوا عشرات الآلاف من الجنيهات وحصلوا على الوظائف في الوقت الذي لم يحصل الثوار الحقيقيون على أي شئ واكتفوا بالانسحاب من المشهد في حين أنهم قد يكونون في حاجة للمساعدة اكثر من المشبوهين الذين يجيدون الظهور أمام الكاميرات والتظاهر والضرب والحرق

ألا يستحق الفقير في مصر أن يكون لديه جهة واحدة يلجأ إليها للحصول على ما يحفظ كرامته وماء وجهه دون اللجوء للجمعيات الخيرية التي تستغله غالبا وتستخدمه في مجالات سياسية أو غير سياسية لينتمي إليها ويصبح ولاءه لها دون غيرها

ولا أعتقد أن أحدا سيقول إن التأمينات الاجتماعية تقوم بهذا الدور وتقدم معاشا شهريا للمحتاجين لأننا لو علمنا أن قيمة هذه المعاشات لاتكفي فردا واحد فقط ليعيش حياة كريمة فما بالكم بأسر تضم الإخوة والأخوات والأبناء ولاتجد من يعينها على حوائجها الأساسية ولا من ينظر إليها في حالة المرض العضال أو حتى المرض العادي ..

الفقراء في مصر في حاجة إلى رعاية أكثر وبشكل رسمي بعيدا عن شاشات الفضائيات والحوارات الصحفية والندوات التي ينفق فيها الآلاف لتتحدث عن الفقير في الوقت الذي يحتاج فيه الفقير لهذه الجنيهات التي تنفق في الفنادق والقاعات المكيفة ..

ارحموا من في الأرض .. يرحمكم من في السماء  .

##

مقالات اخرى للكاتب

الأيدي المرتعشة.. و حقوق الشهداء





اعلان