21 - 06 - 2024

إجراء الانتخابات وحل البرلمانات : لعبة كل يوم

إجراء الانتخابات وحل البرلمانات : لعبة كل يوم

امتلك الدكتور جمال زهران استاذ العلوم السياسية شجاعة طرح اقتراح بتأجيل الانتخابات البرلمانية. هل كان يعلم أن مقترحه محفوف بمخاطر أقلها الاتهام بالسعي لعرقلة مسار خارطة الطريق التي بدأ تنفيذها صبيحة 4 يوليو 2013؟.

تأجيل الانتخابات فكرة ربما جالت بخواطر الكثيرين لكنهم امتنعوا عن الجهر بها لأسباب وجيهة.. وهو في الوقت نفسه مقترح مرفوض تماماً لأسباب لا تقل وجاهة.

نتفق أن إجراء الانتخابات البرلمانية في موعدها  خطوة لا بديل عنها لقطع مسافة تتسع بما يكفي كي تفصل بين مفهوم الانقلاب الذي يصر عليه مناهضو 30 يونية وبين استكمال بنيان الدولة الديموقراطية  التي خرج من خرج في ذات التاريخ طلباً لها وخوفاً عليها.

ثم إن أي إرجاء لهذا الاستحقاق يبقي مصر في نظر خصومها رهينة حكم عسكري؛ الرئيس فيه هو المشرع والمنفذ والحاكم الأوحد. كما أنه قد يفتح الباب لإرجاءات أخرى وآجال غير مسماة فيما يتعلق بسائر الخطوات المتضمنة في خارطة الطريق، خاصة أن صاحب الاقتراح زاوج بينه وبين الدعوة لحل غابة الأحزاب المتشابكة تمهيداً لإنضوائها تحت ثلاثة أجنحة رئيسية  هي اليمين والوسط واليسار.

نال صاحب الاقتراح المزدوج ما ناله من اتهامات ليس أقلها شأناً التكريس للسلطوية والتحريض على تدخل الدولة في شؤون الأحزاب وتشكيلها حسب الأهواء السياسية.

قبل أن نكيل مع الآخرين الاتهامات ، لابد من الاعتراف بأن مجرد التفكير في التأجيل هو ظل لمخاوف كثيرة تتجمع كالسحب في صدور وعقول نسبة لا يستهان بها من المصريين ممن بات عندهم مفهوم الاستحقاقات الانتخابية، ولاسيما البرلمانية، مفكك ومزعج ولايحقق الأهداف المرجوة منه.

تلقف هؤلاء اقتراح زهران بارتياح ملحوظ وانسابت المبررات من بين سطورهم والتي يمكن تلخيص أهمها فمايلي:

- إجراء الانتخابات البرلمانية  في الظروف الحالية يمثل فرصة ذهبية  للمتربصين والحالمين بالعودة إلى الحياة السياسية التي استبعدوا منها كأحد أهم تداعيات 25 يناير. لازال هؤلاء يملكون المال الوفير والقدرة على الحشد الانتخابي وخبرة خوض المعارك الانتخابية ، كما أنهم استعادوا كثيراً من الاعتبار المفقود بعد 30 يونية.  أي أن خوض الانتخابات سيكون التوقيع  الرسمي وصك الاعتراف بحق العودة.

- المال المهدر في سوابق الانتخابات البرلمانية والذي تجاوز المليارات يمثل هاجساَ حقيقياً في ظل ظروف اقتصادية صعبة واعتقاد بأن نتائج الانتخابات  لا توازي الموارد المهدرة على إجراءاتها.

- تربص مناهضي 30 يونية ومؤيدي الإخوان يمثل تهديداً مزدوجاً : فمن زاوية قد يكون البرلمان هو الباب الخلفي لعودة الجماعة المحظورة لتسيير الأوضاع السياسية في عكس الاتجاه الذي تسير فيه حالياً، ومن زاوية أخرى قد تكون الأجواء الانتخابية ستاراً دخانياً ترتكب تحته عمليات إرهابية لإثارة البلبلة والفزع. 

- يهون البعض من النقطة السابقة استناداً لما قاله رئيس الدولة- في معرض رده على سؤال عن احتمال "تسرب" عناصر الإخوان والموالين لهم إلى البرلمان- بأن الدستور في حالات كهذه يخول لرئيس الجمهورية اللجوء للشعب للاستفتاء على حل البرلمان. ولكن إلى أين يأخذنا هذا ؟ ألا يأخذنا إلى دائرة مفرغة من إجراء الانتخابات وفض البرلمانات؟  أليس هذا تحديداً ما يعضد مبررات المتخوفين من إجراء الانتخابات في موعدها؟

- أي نوع من البرلمانات يمكن أن تسفر عنه المعطيات القائمة : هل بالإمكان التطلع إلى برلمان يمارس وظيفته الرقابية على الحكومة ؟ أم برلمان قوامه رجال الأعمال المتشوقين لتعويض المفقود في السنوات الثلاثة الماضية؟ ام برلمان مناوئ لرأس الدولة ومن ثم قد نرى وتيرة أبطأ في الانطلاق نحو المشروعات العملاقة؟

- الاعتقاد السائد أن البرلمان القادم سيكون نتاجاً لقانون انتخابي مختلف عليه، ومراوحة غير محسومة ولا مفهومة في المفاضلة بين نظام القائمة  والنظام الفردي ونسبة كل منهما وأيهما أقدر على تسريب العناصر غير المرغوب فيها إلى البرلمان، ومن ثو فقد يكون برلماناً فسيفسائياً  غير متناغم  يضم مجموعات صغيرة لا غلبة لأحدها على الآخريات ولا تكتل  قوي يقود العمل البرلماني. 

لابديلعن إجراء الانتخابات في موعدها ولكن لابد أيضاً من تبديد المخاوف التي تعتمل في صدور المصريين.

 
##
##

مقالات اخرى للكاتب

رؤية خاصة| نورا على طريق الغارمات





اعلان