26 - 06 - 2024

التحول في عصر الثورات

التحول في عصر الثورات

ما أكثر المتحولين في عصر الثورات والمستفيدين منها خاصة لو كانت هذه الثورات تتم تحت شعارات كاذبة ووهمية ولكنها في نفس الوقت شعارات براقة تجذب السذج وضعاف العقول ليصدقوا هذه الشعارات ويعيشوا الوهم الكبير في الوقت الذي يستفيد منه المتحولون والمستفيدون والممولون من الخارج بثمار هذه الثورات أو على الأصح المؤامرات

الكل يعيش الآن في دور المناضل والثوري والواعظ وصاحب المبادئ في الوقت الذي ينسى فيه الجميع أن التاريخ لايموت ولاينسى أن هؤلاء هم من أوصلوا وطنهم إلى هذه الحالة من الفوضى عن طريق الانتهازية والوصولية والنفاق الدائم للسلطة وللحاكم مقابل المناصب والأموال التي كانت تغدق عليهم بلا حدود

النماذج القذرة لايمكن حصرها لأنهم ببساطة اكثر من أن يتم حصرهم .. فهذا الإعلامي الذي يعيش الآن دور الثورجي نسي أو تناسى أنه كان صاحب السبق في نفاق مبارك وحاشيته ولم يكن هناك حلقة واحدة له إلا وهو يردد مقولة ياسيادة الرئيس أنت الأمل الباقي وأنت الوحيد الذي نلجا إليه .. والآن يتحدث عن مبارك الديكتاتور الفاسد وعن التوريث الذي لم يكن يجرؤ عن الحديث عنه ساعتها فأصبح الآن يتغنى بكلمة التوريث ليل نهار

إعلامي آخر هو وشقيقه وزوجته كانوا هم رعاة حملة مبارك الانتخابية في 2005 وكانوا هم المسئولين عن تجميل صورة مبارك أمام العالم كله وليس المصريين فقط .. والان أصبحوا من المعارضين لمبارك ونظامه بل ومن أشد المعارضين له بعد أن كانوا يسبحون بحمده ليل نهار ويمجدونه كل ساعة أصبحوا الآن يلعنونه فكلما زادت اللعنات زاد المقابل المادي رغم أنهم صنعوا في عهد مبارك ثروات لاتعد ولاتحصى

ورئيس التحرير الذي كان يسعى للحصول على عضوية الحزب الوطنى ويقوم بتوسيط طوب الأرض للحصول على العضوية فقط ويتصل برموز الحزب أمثال الدكتور محمد كمال وزكريا عزمي ومفيد شهاب حتى أصبحوا ينكرون وجودهم منه من كثرة مطاردته لهم.. أصبح الآن من المنظرين للثورة والمعددين لخطايا النظام السابق

والصحفي الشهير الآن الذي يخرج يوميا على شاشات الفضائيات ليتحدث عن الثورة والثوار وقد شاهدته في بداياته الصحفية وهو يجلس في انتظار امين إعلام الحزب الوطني بالساعات ليحصل على رضاه ويضمه لأمانة الإعلام بالحزب

صحفي آخر بدأ معارضا ولما وجد أن طريق المعارضة لن يحقق له أهدافه تحول إلى الحزب الوطنى ونجح في الوصول لمنصب مهم بالحزب .. ولم أكن أتوقع أن يكون هذا من المتحولين حتى شاهدته بالصدفة على إحدى الشاشات يتحدث عن ديكتاتورية مبارك وحتمية الثورة وطهارة الثوار

ورجال الأعمال الذين علا شأنهم في عصر مبارك وفتحت لهم الأبواب المغلقة وحصلوا على السلطة فيما سمي بزواج المال والسلطة حتى سيطروا على كل المناصب القيادية والتنفيذية واحتلوا مجلسي الشعب والشورى ليضعوا القوانين التي تناسبهم وتحميهم .. كل هؤلاء تحولوا الآن إلى ثوار ومؤيدين لثورة يناير ومهاجمين لمبارك وعصره الذي منحهم أكثر مما يريدون بل أكثر مما كانوا يحلمون به فأصبح لكل منهم الآن قناة فضائية هدفها التشهير بعصر مبارك وديكتاتورية مبارك ونظام مبارك

حتى المجالس التي لم يكن لها دور إلا تمجيد الرئيس وعائلته كالقومي للمرأة وحقوق الإنسان تحولوا بنفس الشخوص ونفس الوجوه ليعيشوا دور الثوار الأحرار بعد أن مل الشعب من أفعالهم وكلامهم طوال فترة حكم مبارك ليظهروا علينا الآن بنفس الوجوه ونفس الكلمات المملة .. ويبدو أن الزهايمر قد محا ذاكرتهم فنسوا ماذا كانوا وماذا أصبحوا !

نحن الآن نعيش زمن التحول وزمن الكذب والنفاق .. فنظرة واحدة ثاقبة تكشف لك أن من استفادوا في العصور السابقة هم من استفادوا في العصور اللاحقة .. وكما حققوا مكاسبهم باسم مبارك وجمال وسوزان فهم الآن يحققون مكاسبهم باسم الثورة والثوار لأنهم ببساطة يعرفون أن الشعب المصري ذاكرته ضعيفة وينسى بسرعة الصاروخ .. ولكن هؤلاء لايدركون أن التاريخ لاينسى وسيأتي الوقت الذي يقف فيه هؤلاء أمام الشعب في صورتهم الحقيقية المشوهة .. وساعتها لن ينفع الكذب ولن ينفع الندم ..

أيها المتحولون في زمن الثورات والمؤامرات .. الحق قد يتأخر لكنه لايضيع أبدا .. وغدا لناظره قريب    

 

مقالات اخرى للكاتب

الأيدي المرتعشة.. و حقوق الشهداء





اعلان